مرحبا بكم فى الموقع الرسمى لسيرة ومعجزات القديس ابراهيم البراوى المقارى ++++ كل ما هو جديد عن سيرة القديس ابراهيم البراوى ++++ صور جدبدة للقديس ++++ تحميل للسيرة والمعجزات مباشرة ++++ معجزات ومدائح و تماجيد وترانيم +++ يمكنك ارسال تعليقاتك او اسئلتك او استفسارتك او المعجزات التى حثت معك بشفاعه ابونا ابراهيم البراوى +++
+ بركه القديس ابراهيم البراوى تكون معكم + صلوا من اجلنا (ابناء السيده العذراء مريم وابونا ابراهيم البراوى )

سيرة القديس ابراهيم البراوى

انضم الى اصدقاء القديس ابراهيم البراوى على فيس بوك
راسلنا فيس بوك 
                                              الجزء الاول

(((الفصـــــــــــل الاول ))))
سيرة المتنيح : الراهب القمص...
إبراهيم البراوى المقارى
ميــــلاده ونشـأتـه :
ولد الطفل إبراهيم حوالي سنة 1860م في قرية أبوجرج التابعة لمركز بنى مزار محافظة المنيا لأب يدعى حنا جرجس عبد المسيح خطير، ومن العائلة من ذهب إلى السودان واستقر بها ومنها من بقى هنا. أنجب حنا خمسة أبناء، الأول "تادرس أفندي حنا"،بعد تعليمه أستقر في القاهرة في منطقة حارة السقايين وترك قرية أبوجرج، والثاني "المعلم سليمان حنا" الشهير بالمقدس سليمان من مواليد سنة 1846م، بعد تعليمه ذهب إلى قرية براوة الوقف التابعة لمركز إهناسيا محافظة بنى سويف وعمل رئيساً للصيارفة عن مركزي إهناسيا وسمسطا، والثالثة أسمها "مصطفية" تزوجت مرجان ملطى بقرية أبوجرج، والرابعة أسمها "حنونة" تزوجت في قرية الطيبة التابعة لمركز سمالوط محافظة المنيا، أما الخامس فهو إبراهيم الذي أصبح فيما بعد الراهب القمص إبراهيم البراوى المقاري، ومن الواضح أن أبيهم حنا كان ثرياً بالقدر الذي جعله يعلم أبناءه الثلاثة في عصر كان التعليم فيه قاصراً على أبناء الأغنياء ويوفر لهم بعد ذلك معيشة كريمة.


الانتقال إلى براوة :
تنيح أبواه قبل أن يتجاوز التاسعة من عمره تقريباً فكان عليه أن يختار أحد الأخوين ليعيش معه فأختار سليمان لتعلقه بتقواه من جانب ولأن سليمان لم يكن قد أنجب أطفال بعد وكان هو وزوجته قمر يعتبران إبراهيم ابناً لهما، وكان على سليمان أن يثقفه علمياً وروحياً، وكان ذهابه إلى قرية براوة حوالي سنة 1869م وكان محبوباً جداً من جميع أهالي قرية براوة.


المعلم سليمان في براوة :
لقد بارك الله المقدس سليمان في براوة، فكان يملك حوالي 40 فدان أراضى زراعية بقرية دشطوط التابعة لمركز سمسطا ـ ببنى سويف، وكذلك في براوة الكثير بالإضافة إلى الخيل والبهائم والذهب الكثير والعبيد وصار من شرفاء المنطقة كلها وكان معروفاً بحكمته وعلمه وتواضعه وتقواه حتى انه كان يعمل شرفياً كمحكِم في المجالس العرفية، بل أن هناك مَثل مازال يطلق حتى الآن في براوة على أي حصان جميل وقوى ومزين يقولون ( ولا فرسة سليمان في زمانه ) لأنه كان يملك فرسة جميلة لها سرج فضة غالى الثمن، هذا يعكس الوضع الإجتماعى لسليمان آنذاك مما يعكس أيضاً الوضع الإجتماعى لإبراهيم أخيه الذي كان يعيش معه، إلا أن الوضع الإجتماعى لسليمان لم يؤثر على علاقته بالله بل كان معروفاً عنه انه رجل صلاة وتسبحة وذكر عنة كثيراً من أعمال الخير، وبطبيعة عمل المقدس سليمان كرئيس للصيارفة كان يتجمع لديه كل أموال الرسوم والمتحصلات ليسلمها سنوياً لخزينة الدولة، فكان يتجمع لدية آلاف من الجنيهات الذهبية هذا بخلاف الأموال الخاصة، فشب إبراهيم في وسط كل هذا.


الحياة والعمل في براوة :
لقد عاش الطفل والشاب إبراهيم في عائلة ثرية تقية فكان يستقى من تقوى أخيه سليمان وتواضعه وكان يعمل معه أيضاً فلم يعانى من الحرمان المادي إذ كانت عيناه يومياً أمام أكياس الذهب، لقد شبعت عيناه من غنى العالم لذلك كان يتوق إلى حياة أخرى يشبع فيها رغبته الجارفة للتقوى والبر عملاً بقول السيد المسيح له المجد:
" طوبى للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون " (مت 5 : 6).


قداسته في براوة :
لقد خصص غرفة من المنزل للعبادة والصلاة وكانت هذه الغرفة بحسب تقسيم المنزل قديماً تقع في الناحية الغربية للمنزل وكانت مظلمة وتسمى " بالخزانة " ربما لأن المقدس سليمان كان يضع خزانته فيها ولقد شهد كثيرون ومنهم الجيران الغير مسيحيين أن هذه الغرفة كان يخرج منها بخوراً من آن لآخر حتى في الفترة التي كان المنزل مهجوراً بعد رحيل المقدس سليمان.


البتولية والوصية :
إلا أن الشاب إبراهيم خصص شيئاً آخر أعظم من الغرفة وهو " قلبه وعقله " لله وأحب البتولية وأراد أن يعيشها دون أن يشعر به أحد فلم يُصوتْ بالبوق قدامه كما يفعل المـُراءون،وهو يَعلم أن هذا هو الباب الضيق والطريق الكرب ( مت 7 : 13، 14 )
ويَعلم أن أبيه الذي يرى في الخفاء يجازيه علانية ( مت 6 : 4 )
ولأنه كان يعتبر أخيه الأكبر بمثابة أبْ له ـ لأنه هو الذي رباه وعلمه ـ لذلك لم يشأ أن يتركه وزوجتهُ في براوة حيث أنه لم يكن لهما أبناء آنذاك ( أنجب سليمان بعد رهبنة أخيه إبراهيم ثمانية أبناء )، لذلك قرر أن يحيا مع الله في صمت، حتى وصل عمره تقريباً حوالي 27 عاماً.


بداية العاصفة :
لقد سبب عزوف إبراهيم عن الزواج مرارة عظيمة لسليمان أخيه، لذلك فكر أن يزوجه من "مريم" أخت قمر زوجته وبذلك يضمن أن إبراهيم يظل معه في المنزل وكذلك أبنائه فيما بعد، لئلا يتزوج بأخرى تفرقه عن أخيه وبيت أخيه، ولما وجدت الفكرة استحسانا من المقدس سليمان وزوجته قمر فاتح المقدس سليمان أخيه إبراهيم في الموضوع إلا أن إبراهيم رفض.


نيران الغضب :
برفض إبراهيم الزواج من أخت زوجة أخيه أشعل نيران الغضب في قلب زوجة أخيه وبالتالي في قلب سليمان، وكان مسرحاً سهلاً للشيطان لكي يشعل المنزل حريقة وجعل سليمان يسأل إبراهيم عن السبب الحقيقي الذي جعله يرفض أخت زوجته، فأفصح له إبراهيم عن نواياه في الحياة مع الله وتكريس حياته كلها للسيد المسيح وأن الرهبنة هي طريقه، مما جعل المقدس سليمان يستشيط غضباً عليه لأن اختيار إبراهيم لطريق الرهبنة سوف يحطم كل أحلام سليمان التي بناها عليه، لذلك حاول أن يثنيه عن عزمه فقال له: " أن الرهبنة هي طريق الفقراء والمحتاجين الذين ليس لهم عائل ولا عمل، هؤلاء يهربون إلى البرية ليختبئوا بها ويعيشون فيها ( وهذا طبعاً غير صحيح ) وعار عليه أن يذهب أخيه ويترهب " ولكن كان لإبراهيم رأياً آخراً، وأمام إصرار إبراهيم على موقفه قام المقدس سليمان على أخيه إبراهيم وضربه بالمركوب ( الحذاء، هكذا كان يسمى وقتها ) كنوع من أنواع العقاب.



سياسة الأمر الواقع :
لقد كان المقدس سليمان في بادئ الأمر يظن أن قلب أخيه متعلق بفتاة أخرى ستخرجه من أحضانه ويبقى وحيداً هو وزوجته لكن أكتشف أن المسألة أخطر من هذا، إن فكرة الرهبنة سوف تحكم على بيته بالخراب على حد تصوره لذلك قرر أن يحارب الفكرة بسياسة الأمر الواقع فذهب وخطب له أخت زوجته رغماً عنه.
كانت حرباً شرسة ليست من المقدس سليمان ضد أخيه إبراهيم بل من أجناد الشر الروحية ( أف 6 : 12 ) ضد كل إنسان يريد أن يكرس حياته لله.
الزواج هو الحل :
لكن الخطوبة لم تثنيه عن عزمه بل ظل مصراً على رأيه، وواصل الصلوات والمطانيات والتضرعات ولكن كيف للشيطان أن يهدأ وهو يرى كل هذا الجهاد من القديس، كان يريد أن يكسب المعركة من الجولة الأولى و يُقدر خطورة قداسة إبراهيم لذلك ساعد المقدس سليمان وزوجته في اتخاذ أهم قرار وهو " زواج إبراهيم هو الحل " فذهب المقدس سليمان إلى أهل العروس ( غالباً العروس كانت من قرية أبو جرج ) وحدد معهم موعد الزفاف وذهب إلى الكنيسة وحدد مع الكاهن موعد الإكليل حتى لا يكون أمام إبراهيم فرصة للتراجع، وأخبر إبراهيم بموعد زواجه.


الهروب إلى الله :
احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبراً ( يع 1 : 2 )
طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة لأنه إذا تزكى ينال إكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه ( يع 1 : 12 ).
لم يعد أمام إبراهيم سوى الهروب، لم يكن الزواج شراً يهرب منه لكن الهروب من أي شيء يعوق تسليم قلبه بالتمام لله فلم يعد هناك مكان لآخر، انه يحب الكل من خلال حبه لله المالئ قلبه، لقد قال السيد المسيح له المجد " من استطاع أن يَقبَل فليَقبَل " ( مت 19 : 12 ) وهو قبَل وبكل حب.
ولم يكن الهروب سهلاً وميسراً بل كان صعباً ومـُراً فلم تكن الطرق سهلة ومُعبدة كما هي اليوم وكذلك وسائل المواصلات لم تكن مُيسرة فربما سار على قدميه عشرات الكيلومترات إلى أن يجد وسيلة مواصلات تنقله إلى المكان الذي يرجوه.
لعله كان يتعزى بقول المرنم " معك لا أريد شيئاً على الأرض " (مز 73 : 25 )، ولعله كان يشارك الملاك قوله للوط " اهرب لحياتك ولا تنظر إلى ورائك ولا تقف في كل الدائرة. اهرب إلى الجبل لئلا تهلك. " ( تك 19 : 17 ).
لقد ترك العالم وراء ظهره بكل مجده كما فعل كوكب البرية الأنبا أنطونيوس، خرج وهو لا يعلم إلى أين يذهب كما فعل أبو الآباء إبراهيم. ( عب 11 : 8 ) عانى الكثير في الهروب سيراً على الأقدام كما عانت الملكة المحبوبة أنا سيمون وخاصة أن أول وجهة له كانت إلى دير السيدة العذراء بأسيوط الشهير بالمحرق.


إلى دير العذراء ( المحرق ) :
لقد ذهب أولاً إلى دير السيدة العذراء بالقوصية بأسيوط الشهير بالمحرق، والمسافة بين براوة والمحرق ربما تزيد عن 200 كيلومتر وكان هروبه حوالي سنة 1887م تقريباً، وبعد ذهابه إلى دير المحرق خاف أن يبحث عنه أخوه سليمان هناك أو أن أحداً من أهله الذين يقطنون الصعيد يراه و يخبر أخيه بمكانه فيعيده للمنزل مرة أخرى، لذلك قرر أن يترك دير المحرق والذهاب إلى ،


إلى برية شيهيت ( وادي النطرون ) :
ترك دير المحرق وذهب إلى برية شيهيت ( ميزان القلوب ) حيث يوجد بها مجموعة من الأديرة مازالت عامرة وتسمى أديرة وادي النطرون ( دير العذراء الشهير بالبراموس ودير السريان ودير الأنبا بيشوى وكذلك دير القديس مقاريوس الكبير الشهير بدير أبو مقار ) وقد كانت هناك علاقة حب كبيرة بين القديس إبراهيم البراوى والقديس أبو مقار يبدو أنها بدأت من قبل ذهابه للدير لذلك اتجه رأساً إلى دير أبو مقار، كانت علاقة الحب تشبه علاقة الحب التي بين القديس الشهيد مارمينا العجايبي وبين المتنيح قداسة البابا كيرلس السادس، لقد كان يدعو أبو مقار أبيه ويقول: أنا ابن أبو مقار على سِن ورُمح.


طالب رهبنة في دير أبو مقار :
لقد قطع إبراهيم البراوى مسافة طويلة جداً من دير المحرق إلى أبو مقار. كان لمظهره وملابسه الغالية الثمن الدليل الواضح على أن هذا مجرد ضيف ثرى ذهب لأخذ بركة دير أبو مقار فقط، إلا أن الرهبان تعجبوا عندما علموا انه طالب رهبنة.
لم يكن لشكله ومظهره وملابسه الغالية الثمن أبداً أن يشجع الرهبان على اتخاذ قرار مثل هذا، إن مظهره لم يوح أبداً انه سيتحمل شقاء البرية ومرارتها، لقد كانت الحياة ـ خاصة في تلك الأزمة قاسية جداً ـ لا يمكن أن يتحملها إلا من مات حقاً عن العالم وحْمل الصليب بكل معانيه وراء المسيح في البرية.
لذلك تساءل الرهبان كثيراً عن أصله وهويته والأسباب التي دفعته لاتخاذ قرار خطير مثل هذا، ربما ثورة من ثورات الحماس الروحي عند الشباب التي سرعان ما تنطفئ ويندم على قراره ويكون أواخر هذا الإنسان أشر من أوائله.
إلا إنه أوضح لهم بواطن الأمور عنده وقص عليهم حكايته في بيت أخيه ببراوة ثم هروبه من وجه أخيه أو بالأحرى هروبه من الزواج.
فقال له الرهبان سوف نصالحك على أخيك وننصحه أن لا يرغمك على الزواج من تلك الفتاة ويتركك تتزوج من الفتاة التي تحبها...
فقال لهم أنا لا أريد أن أتزوج، أنا أحب هذا المكان وأريد أن أحيا هذه الحياة معكم وأريد أن أكون ابناً لأبو مقار وأن أحمل الصليب بإرادتي مع المسيح...
فقال له الرهبان لعلك هربت من أعباء الحياة وأنت طامع في أي غنى تجنيه من الرهبنة، ربما ليس لك عائل أو عمل فقلت أترهبن وخلاص. فقال لهم أنا هارب من غنى العالم ومجده الذي هو فقر بالنسبة لغنى المسيح، لو كنت طالب للعالم ومجده لبقيت فيه.
فقال له الرهبان أيضاً: لعلك تكون هارباً من جريمة قد ارتكبتها أو يكون لأحد ثأراً عليك فقلت أختبئ في الدير. فقال لهم صدقوني إن ما أقوله هو الحقيقة. فقالوا له إن كانت هذه حقيقتك فاعطنا عنوانك في العالم واسم أخيك لنرسل له ونتأكد قبل أن نرهبنك. فأعطاهم ما أرادوا.




براوة تبحث عن إبراهيم :
بعد هروبه من براوة طار عقل أخيه المقدس سليمان وشَعْرَ بخطئه وندم على ما فعله بأخيه وبدأ يبحث في كل مكان عنه ولعل لسان حاله شارك عروس النشيد قائلاً :
" تحت ظله اشتهيت أن أجلس، وثمرته حلوة لحلقي " ( نش 2 : 3 )
ذهب إلى الأقارب في كل مكان سواء في الصعيد أو في القاهرة ولكن الموضوع لم يتوقف عند بحث المقدس سليمان عن أخيه بل انتقل إلى أهالي قرية براوة الغير مسيحيين الذين وضعوا في قلوبهم أن لا يتوقفوا عن البحث عن إبراهيم حبيبهم حتى يجدوه، ولقد ظلوا أكثر من شهرين يبحثون عنه مع المقدس سليمان في أي مكان يتوقعون أن يجدوه فيه وطبعاً لم تكن الطرق ممهدة ووسائل المواصلات لم تكن ميسرة مما جعل المقدس سليمان إشفاقاً على أهل القرية المحبين له ولأخيه أن يتوقف عن البحث تاركاً الأمر لمن بيده الأمر إلى أن أرسل له رهبان أبو مقار رسالة تفيد أن أخيه إبراهيم عندهم في الدير.


لقاء الأخوان :
لقد ذهب على الفور المقدس سليمان إلى أخيه في دير أبو مقار راجياً أن ينجح في أن يستعطف قلب أخيه ويرجعه إلى أحضانه مرة أخرى والتقى بأخيه هنالك وعاتبه كثيراً على هروبه وعرفه انه وأهل القرية تعبوا كثيراً في البحث عنه وقال له إن كنت يا أخي تريد أن تتزوج فتاة معينة فسوف أزوجك الفتاة التي يختارها قلبك ولن افرض عليك أخت زوجتي ولكن المهم أن ترجع معي.
فقال له إبراهيم: هذة هي الفتاه التي أحبها، الجوهرة كثيرة الثمن التي من فرحتي بها بعت كل شئ واشتريتها ( مت 13 : 44 ) فكيف لي بعد أن وضعت يدي على محراث الحياة مع الله أعود وأنظر إلى الوراء وأضيع نصيبي في الملكوت ( لو 9 : 62 )، كيف لي بعد أن تركت العالم وهربت إلى الجبل بإرادتي أعود وأشتهى النظر إلى سدوم ( تك 19 : 26 )، لقد عشقت هذه الحياة بمشقتها وصعوبتها وأردت من كل قلبي أن أصير ابناً لأبو مقار وخادماً له.
فقال له المقدس سليمان الآن يا أخي بعد أن أصبحت ابناً لأبو مقار تغضب علي لأني ضربتك وأهنتك وأردت أن أرغمك على الزواج. أنت تعلم أن كل هذا كان بدافع حبي لك ورغبة منى في أن تبقى بجواري، صلِ من أجلى يا أخي لكي يباركني الله ويعطيني النسل الصالح ويعينني على الحياة ولا يكون ما فعلته معك سبباً في غضب الله علي. فصلى له إبراهيم وطمأنه قائلا لا تخف سوف يباركك الله ببركات سماوية كثيرة وأما عن ضربك لي فثق تماماً يا أخي انه من تلك الساعة التي خرجت فيها من براوة متجهاً إلى الدير قد نسيت كل الأشياء وطرحتها وراء ظهري.
وثق يا أخي أنى لن أتركك كما تظن بل أنى كل عام سوف آتى لأزورك في براوة لكي أطمئن عليك.
فعاد سليمان إلى براوة مطمئناً على أخيه عالماً أن إبراهيم البراوى قد صار أيضاً مقارى، أما الرهبان فتأكدوا من هوية إبراهيم وأنه بالحقيقة رجل غني ترك غنى العالم من أجل غنى المسيح مثل أسلافه العظماء مكسيموس ودوماديوس وأرسانيوس والمحبوبة الملكة أناسيمون وإيلاريا وغيرهم ممن باعوا غنى العالم وشهواته من أجل الرهبنة وحمل الصليب مع المسيح في البرية، وعلموا حقيقة سيرته من أخيه فطوبوا أبيهم مقارا إنه تبنى ابنا عظيماً مثل هذا.




بركات الله وعدله :
بعد أن بارك أبونا إبراهيم أخيه بدأت تظهر بركات الله على المقدس سليمان وكذا عدله، لقد أعطاه الله أول أبنائه وهو ديمتري سنة 1889م الذي كان محبوباً جداً إلى قلب عمه القمص إبراهيم وله دالة عليه ولم يتوقف العطاء عند ديمتري بل أعطاه الله أيضاً ميخائيل و مكارى و أليصابات و حنا و فيلبس. إلا أنه قد تعرض لتجربة عظيمة ألا وهى أن هناك شخصاً ما كان يأتمنه وكان يعمل معه ( غالباً اضطر المقدس سليمان للاعتماد عليه بعد رهبنة أخيه إبراهيم ) والواضح أن هذا الشخص كان غير أمين وغير كُفء ولكنه أضطر لإبقائه لأنه كان يمت بصلة قرابة إلى زوجته قمر من ناحية ومن ناحية أخرى أن سليمان كان رجلاً باراً ولم يشأ أن يطردهُ رغم اكتشافه ـ بمواقف كثيرة ـ إنه غير أمين.
حقا لقد كان أخيه إبراهيم كنزاً وكان يحق له أن يتمسك به.
ولكن ماذا فعل الغير أمين الذي احتضنه، كان يتجمع لدى المقدس سليمان في خزينته الخاصة كل أموال الرسوم والمتحصلات التي تتجمع على مدار العام إذ كان يسلمها سنوياً بحسب طبيعة عمله وفي إحدى السنوات بعد أن تجمعت كل هذه الأموال في خزينته قام هذا الشخص بسرقتها وإخفائها في مكان ما ولم يتم العثور عليها وقام سليمان عليه وضربه لكي يعترف بمكانها لكنه لم يعترف، مما جعل أهالي قرية براوة يمسكون هذا الشخص ويُهمون في إيذائه، لكن المقدس سليمان خلصه من أيديهم خوفاً عليه وقام بطرده من القرية ومات هذا الشخص بعد هذا ومات السر معه.
ولكي يسدد المقدس سليمان هذا الدين وهو آلاف من الجنيهات الذهبية اضطر إلي بيع كل ما يمتلك تقريباً، ثم قام بتسوية معاشه وتكريس كل حياته لله، لكن من الواضح أن زوجة المقدس سليمان لم تحتمل كل هذا فتنيحت بعد أن أنجبت فيلبس في 1904م، لذا بدأت في تربية فيلبس ورعايته أخته أليصابات قبل زواجها في قرية الطيبة، وواضح انه نتيجة لاقتراح من أخيه القمص إبراهيم البراوى قام سليمان باتخاذ زوجة أخرى لرعايته وأسرته وكان ذلك حوالي سنة 1911م وكان اسمها مصطفية وأنجب منها يعقوب ورحمة. وهكذا زال الغنى والمال والمجد ولم يبقى له إلا البركة.
لقد أيقن سليمان بضرورة البحث عن الكنز الذي لا يسرق فكرس كل حياته لله ولدراسة الكتاب المقدس ولتعليم أبنائه وعمل الخير على قدر استطاعته.
هذا المال الذي ضرب أخيه إبراهيم من أجله قد زال وأعطاه الله كنزاً آخر ـ حياته مع الله وأبنائه.
لقد عاش ما يقرب من الثلاثين عاماً مُكرساً حياته لله وكان معروفاً عنه أنه رجل صلاة وتسبحة وتنيح بسلام سنة 1932م.


الراهب إبراهيم البراوى :
بعد أن اطمأن الرهبان من صدق نية إبراهيم وبعد أن عرفوا أصله و هويته و رأوا أخيه المقدس سليمان وبعد أن تأكد بالتجارب والجهاد ورؤية الآباء أنه قد نوى من كل قلبه على حمل الصليب واحتمال حياة البرية القاسية قاموا برهبنته. وأصبح أسمه ... ( الراهب إبراهيم حنا البراوى المقاري ) إذ كان الراهب في تلك الأزمنة يدعى أولاً باسمه ثم اسم أبيه ثم اسم بلده ثم اسم الدير الذي ترهبن به. وهذا ما ورد أيضاً في سيرة القديس المتنيح الأنبا ابرآم الأول أسقف الفيوم والجيزة إذ دعي بعد الرهبنة ( الراهب بولس غبريال الدلجاوى المحرقى ).


حياة البراوى في دير أبو مقار :
لم نعرف الكثير عن مراحل جهاده الأولى في الدير لكن المعجزات التي صنعها الله بواسطته والمكانة التي وصل إليها لهى دليل واضح أنه دخل في مراحل جهاد عنيفة كانت سبباً في ارتقاء مستواه الروحي إلى هذا الحد.
بل أن مجرد أن يخرج راهب من ديره وينزل لزيارة أخيه في قرية براوة ومعه كوكبة من الأساقفة والكهنة والرهبان لهو خير دليل على أن هذا الراهب قد وصل إلى درجة روحانية عالية تسمح له بأن يصحب كل هؤلاء معه في الخماسين المقدسة من كل عام لزيارة أخيه.
إن الذين عاصروه قالوا لنا إن المعجزات التي صنعها أبونا إبراهيم كانت كثيرة جداً لدرجة أنه لم يأتي على ذهن أحد أن يدونها.


علاقته بالبابا كيرلس الخامس ( البابا ال112 المُلقب بأبو الصلاح ) :
كان صديقاً حميماً له ولعل هذه العلاقة توطدت في الفترة العصيبة التي قضاها البابا كيرلس الخامس معزولا في دير السيدة العذراء ( البراموس ) عندما عزله المجلس الملي في 26 أغسطس 1892م وعُين أسقف صنبو وكيلاً للبطريركية ورئيساً للمجلس، وجلس البابا القديس ما يقرب من العام في دير البراموس وكان يعمل بالدير متضعاً وساوى نفسه بالرهبان وكان يقوم بغرس حديقة الدير وريها وعزقها حتى صارت روضة زاهرة ( كتاب تاريخ الكنيسة القبطية للقس منسى يوحنا ).
إن هذه الفترة القاسية على البابا والعزلة والفقر والصلوات كانت من أسباب الترابط القوى الذي نشأ بين البابا المعزول وقديسي وادي النطرون الذين يعرفون مدى قداسته ومنهم أبونا إبراهيم المعروف في كل أديرة وادي النطرون، والذي كان له في الرهبنة أكثر من خمس سنوات وقتها.
ولعله كان يذهب له ويؤآزره في محنته مما وطد العلاقة بينهما خاصة أنهما من نفس المحافظة بنى سويف فالبابا من قرية تزمنت وأبونا إبراهيم من قرية براوة.



الكهنوت والخدمة العامة :
رُسم البراوى قساً ثم قمصاً لِما ظهر فيه من طهارة وبرّ وعرف عنه أنه كان يخرج إلي الكنائس الفقيرة ويصلى فيها ويترك فيها مبلغاً من المال في الهيكل ومع الوقت عرف عنه هذا الأمر.


ثقة البابا في قداسته :
كان البابا يدعو أبونا إبراهيم بالبراوى المبروك واختاره ليخدم مذبح الأمير تادرس الشطبي للراهبات بحارة الروم بمصر القديمة، وكانت الراهبات تحبه جداً وتدعوه أخوهم إبراهيم وقد كان لهن الأب المرشد الروحي.


نياحة البابا القديس :
تنيح البابا كيرلس الخامس ( البابا 112 ) الملقب بأبو الصلاح، الصديق الحميم لأبونا إبراهيم البراوى وذلك في سنة 1927م وفى نفس السنة ترهبن الشاب عازر في دير العذراء ( البراموس ) الذي أصبح فيما بعد البابا كيرلس السادس وكأن الله أخذ من الكنيسة القبطية قديساً مثل البابا كيرلس الخامس ويوجه نظرنا إلى انه يعد بابا قديساً آخراً ألا وهو البابا كيرلس السادس وسنذكر فيما بعد علاقة أبونا إبراهيم البراوى بهذا.
أما البابا الذي خلف البابا كيرلس الخامس فهو البابا يوأنس التاسع عشر الملقب بأبو الإحسان ( البابا 113 ) والذي كان له بعض المواقف مع أبونا إبراهيم البراوى.
 البراوى في طنطا :
خدم القمص إبراهيم البراوى فترة في مدينة طنطا امتثالا لأمر البابا يوأنس التاسع عشر وكان معروفاً هناك بقداسته وقوته وخرج من طنطا بعد معجزة كبيرة مع المأمور هزت كل الأوساط ثم عاد إلى حضن الأمير تادرس الشطبي في دير حارة الروم.





الفصل الثانى
(((مواقف من حياته)))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البراوى و الأطفال :
ذكرت السيدة قمر ديمتري أن أبيها قال لها وكذلك أختها أسنات أن أبونا إبراهيم البراوى كان محباً للأطفال جداً وكان دائماً يملأ لهم جيوبه بالحلوى، وكان يحب الطفلة أسنات أختها الكبيرة محبة خاصة وكلما ذهب إلى بيتهم كان يأخذها ويجلسها على رجليه ويخرج لها الحلوى من جيوبه.


قرض البراوى :
ومن أراد أن يقترض منك فلا تردهُ ( مت 5 : 42 )
كان المرحوم مكاري سليمان يمر بضائقة مالية أثناء بنائه لمنزله الموجود حالياً ببراوة فنصحوه أن يقترض من عمه القمص إبراهيم البراوى لأن معروف عنه أنه رجل غني، فطلب منه مبلغاً من المال على سبيل القرض فلم يرده وأعطاه ما أراد، وبهذا المبلغ أكمل بناء المنزل كله ولقد شهدوا أن هذا المبلغ كان به بركة غير عادية فأكملوا بناء البيت دون عناء.
إلا أن الخواجة مكاري لم يرد المبلغ وقال إن عمي رجل راهب وغير محتاج للمال بالإضافة إلى أنه رجل غني وينبغي أن يساعد أهله الفقراء ( لم يكن الخواجة مكاري فقيراً )، إلا أن أبونا إبراهيم لما علم بهذا غضب جداً ووبخهم قائلاً " إن هذا المال ملك لربنا ولديري وأنا كما قلتم راهب مات عن العالم " وصمم أن يسترد المبلغ وفوقه حق ربنا.
 البراوى والوحدة :
لقد ذكر عنه أنه في أواخر أيامه أخذ غرفة في حارة السقايين ليتوحد فيها وكان يخدم نفسه بنفسه طوال حياته ولم يقبل أن يخدمه أحد أو يذهب ليأكل عند أحد إلا نادراً، وكان ينزل إلى ديره ليقضى فيه الخلوات الروحية ثم يعود إلى خدمة دير الراهبات وخدماته الأخرى، وفى إحدى هذه المرات التي نزل فيها إلى الدير حدث الآتي :


البراوى لما يقول :
ومن المواقف التي حدثت بين البراوى والبابا يوأنس التاسع عشر هذا الموقف، لقد كان أبونا إبراهيم البراوى يخدم مذبح الأمير تادرس الشطبي بحارة الروم وهو دير للراهبات بمصر القديمة، وله أيضاً خدمة روحية كبيرة وإرشاد بالإضافة إلى انه كان يذهب إلى الكنائس الفقيرة ليصلي بها ويترك في هياكلها مبالغ مالية كبيرة دون أن يعرف أحد، وكان أيضا يعيش في غرفة كمتوحد في حارة السقايين، هذه المقدمة نوردها للآتي :
لقد أصدر البابا أمراً برجوع الرهبان إلي أديرتهم وكان وقتها أبونا إبراهيم في خلوة روحية بالدير ولما حان موعد رجوعه إلى خدمته فوجئ بأن أمين الدير يمنعه، حاول أن يفهمه أن له خدمة لابد أن يعود إليها وأن البابا على علم بخدمته إذ إنها ليست بعيدة عن مقره بالقاهرة إلا أن أمين الدير أصر أن يمنع الشيخ القديس المعروفة معجزاته وقداسته للجميع، بل قال له مستفزاً لو نزلت البابا هايشلحك ( شلح: كلمة سريانية معناها خلع أي سيخلع رتبته الكهنوتية ) لا يمكن أن تنزل بدون تصريح، فقال له يا ولدى " البراوى لما يقول هانزل يبقى هاينزل " ( وصارت هذه كلمة مأثورة أو مثل في أديرة وادي النطرون إلى يومنا هذا )، فقال له أمين الدير " البابا والمطارنة متشددين جداً في هذا الأمر لو نزلت بدون تصريح هايشلحوك ".
هنا غضب البراوى وقال له: يا ولدي المطارنة لم يخلقوني والبابا لم يـُصلب من أجلى على عود الصليب، ثم أمسك ورقة وقلم وكتب رسالة للبابا سلمها لأمين الدير مضمونها: " لئلا يقال أن البراوى ليس في البرية، بتصريح أو بدون تصريح أنا نازل، لأن البراوى لما يقول هانزل يبقى هاينزل ".
أرسل أمين الدير الرسالة إلى البابا وقال له أيضاً باقي الكلام مما أثار بعض المطارنة وصمموا على أن البابا يشلح أبونا إبراهيم البراوى فقال لهم البابا الذي يعلم مدى قداسة أبونا إبراهيم إن هذه ما هي إلا حرب من حروب الشياطين ضد قديس عظيم مثل هذا " إن البراوى على حق هل أنتم خلقتموه؟ فقالوا لا، هل أنا صُلبت من أجله على عود الصليب؟ فقالوا لا، فقال لهم فكيف أشلحه إذاً وهو لم يخطئ بالإضافة لمعرفتي بمدى خدمته وقداسته وأحتاجه إلى جواري دائماً إذ أني لم أقصد أبونا إبراهيم بهذا القرار ".
إلا أن البراوى ذهب إلى البابا حزيناً غاضباً فقابله البابا علي سلم الكاتدرائية فرحاً مبتسماً وقال له:
" تعال يا أبونا إبراهيم يا مبروك لكي تصلي لي"
فقال له البراوى: " ما أنت كنت عاوز تشلحني "
البابا: هو أنا استغنى عنك يا أبونا .. " ثم جذب يد أبونا إبراهيم ووضعها على رأسه عنوة وصمم أن يصلي له" وبعد الصلاة أعطاه ثلاثة جنيهات ذهبية، فكيف يشلح ابن أبو مقار على سن ورمح.


الثوب الحمصاني :
كان البابا يوأنس التاسع عشر يمتلك ثوباً غالى الثمن يسمى بالثوب الحمصاني ( مُطرز ومُذهب وبه أكثر من فتحة جانبية ) وكان لا يرتديه إلا عندما يجلس على كرسي مارمرقس الرسول ومن شدة إعجابه بقداسة أبونا إبراهيم البراوى أهداه هذا الثوب ( كان ذلك في أواخر أيام أبونا إبراهيم غالباً عام 1936م )، ولكن يبدو أن هناك أشياء صنعها البابا ـ خاصة في دير البراموس الذي كان يدعى دير البراموس البهي أو دير البابا كيرلس الخامس ـ ولم تعجب أبونا إبراهيم البراوى وساء في عينيه أن يحدث مثل هذا في دير صديقه المتنيح البابا كيرلس الخامس. ( يمكنك أن تقرأ في كتاب " سيرة المتنيح البابا كيرلس السادس " عن بعض من هذه الأشياء مثل طرد الرهبان السبعة من دير البراموس ).
وفي إحدى زيارات البابا لدير أبو مقار وكان أبونا إبراهيم البراوى هناك، جلس البراوى على الأرض وأمسك بثوب البابا الحمصاني وأمسك بمسلة ( إبرة كبيرة تستخدم في خياطة الخوص ) ودبائر وبدأ يخيط الفتحات الجانبية في ثوب البابا فنظره البابا والرهبان فضحكوا عليه وقال له البابا ماذا تفعل يا أبونا بالثوب؟
فأجابه البراوى: جلابيتك يا سيدنا مفتحة من كل جانب.
وبعد أن أصلحها، ( طبعا من وجهة نظره لأن طبيعة تفصيل هذا الثوب كانت هكذا لكن أبونا إبراهيم أراد أن يلفت نظر البابا إلى شئ أو يعلمه شيء ) قام أبونا إبراهيم البراوى بارتداء الثوب الحمصاني غالى الثمن ودخل المطبخ وجلس وبدأ يعمل ( كان البراوى ماهرا في أعمال الطهي وخاصة طواجن السمك ) وهنا دخل عليه البابا في المطبخ ـ لعل البابا كان يراقب تحركات البراوى ليفهم المغزى الروحي الذي أراد البراوى أن يعلمه إياه فوجده جالسا على كرسي المطبخ ويعمل غير مكترثاً بقيمة الثوب الذي يرتديه.
فقال له البابا: يا أبونا إبراهيم " الثوب الذي كنت أرتديه وأنا جالس على عرش مارمرقس ترتديه أنت وأنت جالس لتعمل على كرسي مطبخ أبو مقار"
فنظر إليه البراوى وقال: صدقني يا سيدنا إن كرسي مطبخ أبو مقار أفضل من كرسيك.
فقال له البابا: عندك حق يا أبونا إبراهيم !!!
ذكر هذا الموقف نيافة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط والقمص زوسيما السرياني والمهندس كرومر ( مكاري ) وزوجته السيدة قمر ديمتري.
 البراوى في القدس :
روى المهندس إبراهيم جاد الله نقلا عن والدته المرحومة دميانة مكاري الذي يعتبر البراوى جدها، أن القمص إبراهيم البراوى اشتاق إلى زيارة الأماكن المقدسة قبل نياحته فذهب إلى القدس وتبارك بالأماكن المقدسة التي عاش فيها السيد المسيح له المجد بالجسد وفي عودته أحضر هدايا لأحبائه ومن ضمنهم المرحومة دميانة أحضر لها ثلاثة صلبان خشبية مختلفة الأحجام، مازالوا موجودين حتى يومنا هذا وثوب غالى الثمن أوصى أن يدفن فيه ( غالباً كانت تقصد ثوب البابا الحمصاني ).


الذهاب إلى براوة :
" تعهدات فمي باركها يارب " ( مز 119 : 108 )
لقد وعد القمص إبراهيم أخيه المقدس سليمان أنه بعد رهبنته سوف يزوره سنوياً ليطمئن عليه.
وبالفعل كان يزور براوة سنوياً في أيام الخماسين المقدسة ومعه كوكبة من الرهبان والأساقفة وكان المقدس سليمان يذبح لهم خروفاً كبيراً فور وصولهم، ولم يكن الاحتفال والاحتفاء بهم قاصراً على المقدس سليمان بل نُقل أيضاً إلى أهالي القرية الغير مسيحيين حيث أنهم كانوا يفرحون بقدومه ويذهبون إليه ليروه، بل أن أكابر البلد منهم كانوا يستضيفونه وضيوفه عندهم، حتى الشباب الصغير كان دائماً يقابله ويسأله هل تعرفني يا أبونا؟ فكان يقول لهم لقد خرجت من البلد وأنتم صغار أخبروني أبناء من أنتم وأنا أعرفكم.
كان عند المقدس سليمان عبد ( خادم ) يدعى عبد الله ـ أبو جلال ـ وكان يقول كنت أقوم على خدمتهم وأقوم بصب الماء على أيديهم أثناء غسلها وكانوا كلهم لابسين عمم سوداء كبيرة جداً ( يقصد الأساقفة أو الكهنة ).
لكن في نهاية أيام أبونا إبراهيم كان يحضر بمفرده ربما لكبر سنه وربما لأن كثير ممن كانوا يحضرون معه قد تنيحوا، إلا أنه ظل محافظاً على وعده حتى بعد نياحة أخيه، حتى أخر زيارة التي ودعهم فيها وأخبرهم إنه ذاهب ليتنيح في ديره.


دا صوت ملاك :
يبدو أن أبونا إبراهيم كان معتاداً أن يصوم من خميس العهد حتى عيد القيامة لكنه في إحدى المرات ذهب إلى منزل ديمتري ابن أخيه بعد قداس خميس العهد لكي يتناول طعام الإفطار هناك وما أن وصل إلى الشقة حتى قابلته الطفلة أسنات قائلة " أنت جاي عندنا ليه، يالا أمشي " فانحنى وقال لها : " عندك حق يا بنتي مكاني مش هنا "
وسمعت أم الطفلة الحوار من الداخل فانزعجت جداً وخافت من غضب أبونا إبراهيم على ابنتها، فركضت مسرعة فلم تجده ورغم أن ملابسها مملوءة من الدقيق والعجين بسبب الاستعداد للعيد إلا أنها نزلت إلى الشارع مسرعة بحثاً عنه فلم تجده أيضا فحزنت جداً وجلست تبكى قائلة إن ابنتي ستموت لا محالة إلى أن جاء زوجها فوجدها على هذا الحال فهدأ من روعها قائلا: " أن أبونا إبراهيم لن يغضب من طفلة. لقد عاد ليكمل أيامه صائماً حتى العيد " وبعد العيد ذهب أبونا إبراهيم إليهم فاعتذروا له عما بدر من ابنتهم فطمأنهم قائلاً " أنا لم أغضب من الطفلة لأنه لم يكن صوتها، دا صوت ملاك ".

الفصل الثالث
(((فضــــــــــائله)))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصـــــــــــلاة :
لقد كانت صلاته قوية نافذة لا تعرف المستحيل مبنية على إيمان قوي كالصخر ( لو 6 : 48 ) بل وتنفيذاً لمشيئة السيد المسيح له المجد في الإيمان " إن كنت تستطيع أن تؤمن كل شئ مستطاع للمؤمن " ( مر 9 : 23 )، هكذا كان هذا البار معروفاً بقوة صلاته،
+ لقد كان يصلى على قليل من الماء فيشربه المريض فيبرأ ؛
+ لقد كان يصلى أن تحل البركة على إنسان فتحل ؛
+ وإن غضب على إنسان كانت السماء والأرض تغضبان عليه ؛
+ لقد صلى صلاة قصيرة وضرب الأرض بالعكاز ( عصاه ) فأخرجت ماء ؛
+ عندما كان يصلى أن يعطي الله نسلاً لأحد كان الله يعطيه ؛
+ صلى أن يقف القطار فوقف، وصلى أن يتحرك فتحرك ؛
+ وفي إحدى المرات جذب البابا يوأنس التاسع عشر يده عنوة لكي يصلي من أجله فصلى له.
حقاً قال المتنيح البابا كيرلس السادس " الصلاة قادرة على كل شئ لأنها تحرك اليد التي تدير الكون " .
ولقد سخر الله الشيطان أن يخبر أحد محبي أبونا إبراهيم البراوى عن صلاة القديس فبمجرد أن ذكر اسمه أمام الشيطان اهتز وارتعد ارتعاداً عظيماً و لم يستطع أن ينطق اسمه لكنه قال عن القديس ؛ لقد كان يقول " يا أبانا الذي " فتصير مثل حجر ثقيل على قلوبنا، عندما كان يقف ويصلى كان بيزعجنا ومكناش ( لم نكن ) نقدر نسمعه، إحنا بالنسبة له كنا عيال، كان بيزعجنا في راحتنا ... دا إحنا ارتحنا منه ومن صلاته.
ألهذه الدرجة مجرد صلاة أبانا الذي ( الصلاة الربانية ) من فم هذا القديس كانت تزعج الشياطين، كم من كلمات نرددها في صلواتنا دون أن نشعر بقوتها.
لقد طلب منا الله أن نصير قديسين كما هو أيضاً قدوس ( لا 11 : 44 ) ولا يمكن أن نصير قديسين إلا إن تقدسنا بالوقوف الدائم أمام الله القدوس، لذا ينبغي لأن نصلي كل حين ولا نمل ( لو 18 : 1 ) بل ينبغي أن نبدد ظلمة ليالينا بنور الصلاة كما علمنا مخلصنا " اسهروا إذاً وتضرعوا في كل حين " ( لو 21 : 36 ).
هذا أيضاً قاله الرسول بولس " صلوا بلا انقطاع . اشكروا في كل شئ . لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم " ( 1تس 5: 17 ، 18 )، ( رو 12 : 12 )، ( أف 6 : 18 )، ( كو 1: 4 ).
لقد تقدس هذا البار بحياته مع المسيح أو داخل المسيح ولقد أظهر الله قداسته بالمعجزات التي صنعها استجابة لصلاته؛
ولعل مشهد نياحة هذا القديس لهو خير دليل على قداسته من ناحية ومن ناحية أخرى على الربط بين هذا القديس وبين حياة الصلاة؛ لقد خرجت روحه في أقدس لحظات حياته وهو يصلي ساجداً أمام المذبح وقبل أن يصرف ملاك الذبيحة بل أن هذا استجابة لصلاته فقد كان يقول:


صــــــــــلاة دائـــــــمة :
لقد كانت لأبينا إبراهيم البراوى طلبة دائمة، فكان دائماً يقول " يا رب ساعة ترضي صلاحك و جُــر " والتي معناها يا رب خذني في ساعة ترضي صلاحك.
وهذا يؤكد إنه كان يحيا حياة استعداداً دائماً بل وإتضاعاً أيضاً فلم يكن يرى في نفسه الصلاح بل كان دائم البحث عن تلك الساعة الصالحة التي يتمنى أن يأخذه فيها الله.
هذه هي الساعة التي ترضي صلاح الله يا أبونا إبراهيم قد أخذك فيها حسب طلبك وشهوة قلبك، بل أن من فضائله أيضاً انه كان ؛




يعلم الصلاة لأحبائه :
إن من ابرز هذه الأمثلة هو التحول العجيب في حياة أخيه المقدس سليمان وكيف كرس كل حياته للصلاة والتسبحة ودراسة الكتاب المقدس ولقد ذكرت لي المرحومة ليزا قسطنطين زوجة ابن أخيه ( ميخائيل سليمان ) انه كتب لها ورقة بها مجموعة من الصلوات لكي تحفظها وتكون سبب بركة لها، وذكر المهندس إبراهيم جاد الله نقلا عن والدته المرحومة دميانة مكاري أن أبونا إبراهيم البراوى كان يعلمها الصلاة ويُحفظها المزامير التي لم تمحى من ذاكرتها وذلك أثناء زياراته لقرية براوة مثل مزمور 43 " اقض لي يا الله " ومزمور " يا رب لماذا كثر الذين يحزنونني " وغيرها وتضيف أيضاً أنه أوصاها كثيراً بضرورة ممارسة سر الاعتراف وكان يقول لها " أنه ليس عبد بلا خطية ولا سيد بلا غفران ".


الصـــــــــــــــوم :
لقد قال مخلصنا الصالح " هذا الجنس لا يمكن أن يخرج بشئ إلا بالصلاة والصوم" ( مر 9 : 29 )؛
بالصوم ترتقي عن الماديات إلى الروحيات وبالتالي تستطيع بالصلاة أن تستعين بقوة الله الروحية للانتصار على العدو والجسد وكل شيء؛
إن هذا القديس لم يكشف لنا شيئاً عن قوانينه في الصوم لكننا استنتجنا هذا من سيرته، فلا يمكن أن يصل إلى هذه الدرجات الروحية العالية دون أن يكون مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالصوم، فقد ذكر من رآه بالجسد انه كان نحيفاً جداً رغم غناه، وهذا يعني انه لم يكن مفرطاً في الطعام بل على العكس مفرطاً في الصوم، ولقد ذكرت المقدسة ليزا قسطنطين إنها لم تعهده يتناول شيئاً عند أحد من طعام أو شراب طوال معرفتها به إلا نادراً ( ربما لأنه لم يشأ أن يكسر قوانين صومه )، ولقد طلب من أحد أحبائه أن يصوم ثلاثة أيام متواصلة صوم يونان لكي يباركه الرب وصامها هو أيضاً متواصلة ( طي ليل ) فلا يمكن أن يعطي قانون ولا ينفذه هو أولاً بل إنه لا يمكن أن يطلب طلب مثل هذا إن لم يكن هو نفسه متعوداً على مثل هذه الأصوام بل ذكر أيضاً عنه أنه كان يصوم من خميس العهد إلى عيد القيامة سنوياً وربما كان يصوم أسبوع الآلام كله كما كان يفعل القمص بولس العابد المقاري، وكذلك أبونا عبد المسيح المقاري ( المناهري ).


العطـــــــــــــــــاء :
" قال أحد الآباء : لا تعطي أكثر من طاقتك لئلا تضطر الله أن يعطيك أكثر من احتياجك "
ولقد ترك البراوى كل غنى العالم من أجل مجد معرفة المسيح إلا أن الله أصر أن الذي ترك غنى العالم بإرادته سوف أعطيه غنى أكثر مما كان عنده، فلم يغتر البراوى بكثرة الغنى إذ أنه سبق وتركه بإرادته بل فكر في كيفية توظيف هذه الأموال لمجد المسيح.
فكان القمص إبراهيم البراوى يقسم عطاءه إلى أربع أقسام:
+ القسم الأول والأعظم لديره ( دير أبو مقار )؛
حيث أن الدير كان فقيراً آنذاك ووضع القديس في قلبه أن يساعده بكل ما يملك، فكان يذهب ليجمع العادات السنوية من أهل الخير أو ممن يصلي لهم مثل الملوك أو الباشاوات وغيرهم، ثم يذهب بهذه العطايا إلى ديره الحبيب وأخوته الرهبان الفقراء، وصدق البابا القديس اثناسيوس الرسولي عندما قال " الابن صورة أبيه " لقد كان البراوى حقاً ابنا لأبو مقار وظهرت بنوته واضحة في اهتمامه بالدير والإخوة.
+ القسم الثاني خصصه للكنائس الفقيرة؛
فكان يذهب إلى الكنائس الفقيرة ويصلي فيها وبعد الصلاة يترك مبلغاً كبيراً من المال في هيكلها دون علم أحد ولا حتى كاهن الكنيسة ولما تكرر هذا انكشف أمره وعرفوا أنها أموال البراوى التي يساعد بها الكنائس الفقيرة، وقد ذكر هذا المتنيح القمص ميخائيل باسيلى الدشاشى.
+ القسم الثالث وهو خاص بالفقراء؛
لما كان يذهب إلى براوة في زيارة أخيه سليمان، كان لدى أخيه عبد غير مسيحي( خادم ) فكان يوقف أبناءه صفاً ويعطيهم مالاً، فكان سليمان يتعجب أتعطي أبناء الغرباء ولا تعطي أبنائي فكان يقول له " أبناؤك مسئوليتك أنت تعطيهم من أموالك، أما أنا فقد مت عن العالم وهذه الأموال ملك لله أوزعها بحسب مشيئة الله على الفقراء والذين ليس لهم من يعولهم ولديري الفقير وإخوتي الرهبان.
+ القسم الرابع القروض؛
كان يقرض كل من هو في ضائقة مالية وليس فقيراً بشرط أن يسترد هذه الأموال بعد أن تتيسر الأحوال وتنفرج الأزمة عملا بوصية السيد المسيح له المجد " من أراد أن يقترض منك فلا تردهُ " ( مت 5 : 42 )، لكنه كان يصر على استرداد هذه الأموال بعد انفراج الأزمة قائلا أن هذه أموال الدير بل كان يصر أن يأخذ فوقها أيضاً ( كما فعل مع ديمتري و مكارى ابني أخيه )، لكن الجميع شهدوا أن هذه الأموال كان بها بركة غير عادية. ( كان القديس يحاول إنكار ذاته بكافة الطرق بعد المعجزات الكبيرة التي من الصعب إنكارها).


إنكـــــــــــــار الذات :
بعد المعجزات العظيمة التي صنعها الله بواسطة هذا البار، كان لزاماً عليه أن يقتني فضيلة أخرى ألا وهي إنكار الذات، فقد قال القديس اسحق السرياني " أنه من المستحيل أن يثبت أحد أمام الإكرام " إن من أهم شروط حمل الصليب وراء المسيح هو إنكار الذات ( لو 9 : 23 )، إن معجزاته التي بشرت بقوة المسيح لم يكن من المنطقي معها أن ينكر ذاته بالجنون مثلاً كما فعل كثير من آبائنا القديسين، لذا اختار طرق غير تقليدية مثل حب المال، فهذا الذي ترك غنى العالم إتخذ من المال ساتراً على فضائله ومعجزاته اليومية كما ذكر معاصريه، فكان يحمل في جيبه كيساً مملوءاً بالجنيهات الذهبية وكان يرتدي صدرية ذهب غالية الثمن في أواخر أيامه ( غالباً أثناء الخدمة ) وكان يعطي القروض ويصر على استردادها بطريقة توحي لمن حوله أنه محباً للمال، اتخذ من الغنى وحب المال بل والبخل أحياناً ساتراً على فضائله، ومن الطريف في محاولات إنكاره لذاته أنه كان يخدم معه في دير حارة الروم كاهن علماني وكانت أمه داية ( مولدة ) فكان يسميه " ابن جطاعة المصارين " أو ابن قطاعة المصارين أي المولدة، فكان كلما ذهب إلى بيت ديمتري ابن أخيه كان يجلس قليلا ثم يقوم مسرعاً ويقول أنا ذاهب قبل ابن جطاعة المصارين ما يلم العادة لوحده ( العادة هي العطايا السنوية التي يأخذها الكاهن من المقتدرين في شعبه سواء أصحاب المشاريع أو المحاصيل الزراعية).
حقاً قال أحد الآباء " إن الفضيلة إذا ظهرت سـُرقت ونـُهبت ".
فكان القديس ينكر ذاته بكافة الطرق لإخفاء فضائله وقوة معجزاته، لكنه فشل في هذا لأن الجميع كان يؤمن بقداسته.


التجرد والزهد :
ومما يدل على زهده أنه كان له مثل يقوله دائماً " الدنيا دي (مثل) الرمة والناس ذي الكلاب بتلف حواليها وبتنهش فيها " والرمة هي حيوان ميت قد أنتن، ومعنى المثل " إن الدنيا مثل حيوان ميت قد أنتن ورغم هذا فإن الناس تتصارع عليه وتأكله بشهوة وعنف " فلا تكون جزءاً من الدنيا وتسمع صوت مرثا صارخاً " يا سيد قد أنتن " ( يو 11 : 39 ) ولا تكون واحداً من الكلاب التي تتصارع عليها، " لأن خارجاً الكلاب والسحرة والزناة والقتلة وعبدة الأوثان وكل من يحب ويصنع كذباً " ( رؤ 22 : 15 ) فلنغلب طعام الدنيا الفاسد حتى نستحق أن نأكل من المنّ المخفي الذي سيهبه لنا ربنا يسوع المسيح. ( رؤ 2 : 17 )


















((الفصل الرابع))



معجزات البراوى في حياته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


1- ابن أبو مقار على سن ورمح !!!
كان هناك قطار لشركة الملح والصودا يقوم بنقل النطرون والملح من منطقة بير هوكر ( قرية صغيرة تسمى الهوكرية قريبة من أديرة وادي النطرون ) إلى الخطاطبة وكان يستقله الذين يقطنون منطقة وادي النطرون لعدم وجود وسائل مواصلات، وكان إبراهيم أيضاً يستقله في رحلات الذهاب إلى الدير أو العودة.
وفى إحدى المرات ركبه وقطع التذكرة ووضعها في عمته، ولأنه غالباً كان راكباً فوق الملح أي في الهواء فقد طارت التذكرة من عمته ( وربما كانت توجد عربة لنقل الركاب ولكنها مكشوفة أيضاً ).
فجاء المحصل وقال له أين التذكرة يا مولانا؟
فمد أبونا إبراهيم يده إلى عمته فلم يجد التذكرة لأنها طارت، فقال له لقد طارت يا ولدى.
فقال له المحصل يبقى لازم تدفع تذكرة تانى يا مولانا،
البراوى : يا ولدى أنا من دير أنبا مقار وقلت لك إن التذكرة طارت.
المحصل : لازم تدفع تانى و إلا هانزلك.
البراوى : يا ولدى هاتنزلنى وأنا قلت لك إني من دير أنبا مقار.
المحصل : نعم إما أن تدفع تذكرة أخرى أو تنزل.
فقال البراوى كلمته المأثورة : يا ولدى " أنا ابن أبو مقار على سن ورمح " والبرية دي كلها بتاعتنا وأنت تنزلني، حي هو اسم الله الذي أقف أمامه إذا نزلت لن يتحرك القطار.
لقد أخذ المحصل الموضوع بشكل شخصي وصمم على نزول البراوى من القطار وبالفعل انزله من القطار ( قطار الملح ليس كالقطار العادي الذي ينقل الركاب بالمحطات )
فنزل البراوى من القطار وذهب.
و لكن هل من الممكن أن يتحرك القطار وابن أبو مقار لم يأمره بعد، لقد وقف القطار رغم كل محاولات المختصين بالصيانة، لقد أبى أن يتحرك دون أن يأتي سيده ( تك 1 : 26 )، لقد ذهب الركاب إلى سائق القطار وأخبروه بما حدث بين البراوى والمحصل فأنبهر السائق وقال للمحصل: " هو إحنا نقدر على البراوى " لن يتحرك القطار إلا إذا جاء البراوى، فذهب المحصل والركاب يبحثون عنه حتى وجدوه، ولما وجدوه رجوه كثيراً أن يعود معهم ولا يدفع أي شئ، إلا إنه رفض الرجوع معهم وقال لهم " لن أركب وابقوا خلوه يتحرك " فاستعطفه الركاب كثيراً حتى رق قلبه فقال للمحصل أركب بس بشرط أن لا تأخذ نقود من رهبان أبو مقار، فقال المحصل موافق.
وهنا عاد البراوى وركب القطار فتحرك !!!
وهذه المعجزة شهيرة ورواها أكثر من راوي منهم نيافة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط و نيافة الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان العامر وكذا السيدة قمر ديمتري نقلا عن والدها ابن أخو القمص إبراهيم البراوى وكذلك المهندس إبراهيم جاد الله نقلا عن المرحوم فيلبس سليمان ابن أخو القديس أيضا وكثيرين ممن عاصروه أو سمعوا عنه.


2- هل عاد موسى النبي؟!!!
روت هذه المعجزة السيدة قمر ديمتري نقلا عن أختها المرحومة أسنات التي كانت تعيش في مدينة طنطا، أنه كان يوجد كاهناً قديساً يسكن في قرية قريبة من طنطا تدعى " سبربيه " وكان يدعى أبونا ميخائيل السبرباوى وكانت تعرفه إذ أنه كان يمر على منزلها كلما نزل طنطا ( غالباً علاقة هذا الكاهن القديس بأبونا إبراهيم البراوى توطدت أثناء خدمة البراوى في طنطا )، وفى إحدى المرات كان أبونا ميخائيل يصطحب معه راهباً اسمه جرجس ( غالبا مقاري ) فقال له تعال لتنظر السيدة التي جدها إبراهيم البراوى، فذهب معه فرحبت بهما السيدة أسنات كعادتها، فقال له ها هي!!! فلما استفسرت؟ قال لها الراهب جرجس: لقد كنت من تلاميذ القمص إبراهيم البراوى وفي إحدى المرات كنت أسير معه في البرية بجوار البحر المالح ( غالبا الأبيض المتوسط ) ولم يكن معنا ماء و لما طال بنا الوقت عطشت جداً وقلت له يا مُعلم سنموت هنا في البرية فليس معنا ماء والطريق طويل ولا يوجد إلا ماء البحر النتن، فماذا نفعل؟ فنظر إلى وقال يا ولدى " عطشان نسقيك "، ثم صلى وضرب الأرض بالعكاز فأخرجت الأرض ينبوع ماء فقال لي اشرب فشربت حتى ارتويت فإذ به ماء عذب لم أشرب مثله من قبل، ماء لا توصف حلاوته! انه ماء سماوي!!!
ما الذي يحدث هل عاد موسى النبي؟


3- البراوى و العقارب :
ذكر جناب القس يعقوب محروس كاهن كنيسة مار جرجس بالباجور ـ منوفية ـ إنه سمع من المرحومة أسنات ديمتري ( والتي تعتبر حماته )
في الوقت الذي يتحاشى فيه سكان البرية لدغات العقارب السامة والمميتة أحياناً وخاصة في تلك الأيام حيث لم تكن هناك خدمات طبية جيدة أو إسعافات أولية متطورة، كانت العقارب تذهب إلى أبونا إبراهيم البراوى وتسير على جلبابه ( ثوبه ) فينظر إليها ويتركها تسير وهو في هدوء وسكينة حتى تصل إلى كتفه حينئذ يمسكها في يده ويقول لها مداعباً " يا شيخة روحي إيه اللي جابك هنا " ( اذهبي ما الذي أتى بك إلى هنا؟ ) ثم يلقيها على الأرض، ولما لا وقد قال السيد المسيح له المجد " ها أنا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شئ " ( لو 10 : 19 ).










4- على اسم المسيح :
روى المهندس إبراهيم جاد الله ( نقلا عن المرحوم فيلبس سليمان الذي يعتبر البراوى عمه ) هذه الواقعة :
كان القمص إبراهيم البراوى سائراً في شارع كلود بك بالقاهرة متجهاً إلى الكاتدرائية ( البطرخانة القديمة بالأزبكية ) وكان معروف عن هذا الشارع إن به كثير من الحانات ( البارات ) والبيوت سيئة السمعة ومرة أرادت إحدى عاهرات هذه البيوت أن تستهزئ بأبونا إبراهيم فقالت لأصدقائها في السوء: أنا أستطيع أن أجعل هذا الراهب يدخل إلى بيتي فلم يصدقوها فقالت لهم سوف ترون. وبينما أبونا إبراهيم سائرا أمام منزلها قالت له يا أبونا إتفضل، فقال لها شكرا يا بنتي! فقالت له إتفضل على اسم المسيح.
فوقف وقال لها " يا بنتي اسم المسيح عظيم وأنا لا أستطيع أن أرده "
فقالت له وأنا أدعوك أن تدخل عندي على اسم المسيح!... فدخل بيتها، فعملت له فنجان من القهوة وقالت له اشرب على اسم المسيح،
" فقال لها يا بنتي اسم المسيح عظيم، عظيم وأنا لا أستطيع أن أرده "
فقالت له وأنا أقول لك أشرب على اسم المسيح " فشرب ثم خرج ".
وبينما هو خارج من عندها رآه بعض المطارنة كانوا ذاهبين للقاء البابا، فأسرعوا وقالوا للأنبا يوأنس إننا رأينا القمص إبراهيم البراوى وهو خارج من بيت سئ السمعة بعد أن لوث سمعة الكهنوت فلم سمع البابا استشاط غضباً وأنتظره على سلم الكاتدرائية فلما وصل أبونا إبراهيم انتهره البابا قائلا ما الذي فعلته يا أبونا إبراهيم؟ كيف تدخل بيت من بيوت الخطيئة وتلوث سمعة الكهنوت والرهبنة.
فضرب له البراوى ميطانية ( سجدة ) وقال له حاللنى يا سيدنا " قالت لي ادخل على اسم المسيح فدخلت، اشرب على اسم المسيح فشربت ".
فقال له البابا في غضب وهل كل من يطلب منك طلب على اسم المسيح تنفذه ؟ هل هذا معقول ؟ تدخل عند عاهرة وتقول اسم المسيح !!!
البراوى : اسم المسيح عظيم يا سيدنا، لقد حول السامرية من خاطئة إلى مبشرة والتي أمسكت في ذات الفعل ستر عليها وغفر خطاياها وقادها إلى التوبة، من يعلم ؟ لعلها تتوب يا سيدنا.
فقال له البابا: هذا كلام مرفوض يا أبونا ليس كل من يقول لك افعل شئ على اسم المسيح تفعله، ثم نظر إلى الجنايني فوجده يرش ماء ليسقى الحديقة فقال لأبونا إبراهيم أتستطيع أن توقف هذا الماء على اسم المسيح ؟ .......
فنظر أبونا إبراهيم البراوى للماء وقال على اسم المسيح المياة تقف.
فوقفت المياه في الهواء
ولما رأى البابا هذا اندهش جداً وقال له خلاص يا أبونا الله يحاللك!!! الله يحاللك!!! على اسم المسيح، أما الجنايني فصرخ قائلا والمياه يا سيدنا؟؟؟
فنظر أبونا إبراهيم إلى المياه قائلا: على اسم المسيح المياه تنزل ... فنزلت المياه!!!


5- إيليا في القرن العشرين :
لسبب أو لآخر قام البابا يوأنس التاسع عشر بإرسال القمص إبراهيم البراوى للخدمة في مدينة طنطا، امتثل البراوى إلى أمر البابا وذهب إلى طنطا ولعلها العناية الإلهية هي التي أرسلته إلى هناك كسفير عن المسيح ( 2 كو 5 : 20 ) لقضاء أمر معين.
فبينما كان أبونا إبراهيم يخدم في طنطا ( لا نعرف المدة التي قضاها هناك ) حدث هذا الأمر:
امرأة مسيحية لها طفلان لسبب أو لآخر تركت مسيحها! فذهب أبونا إبراهيم البراوى ليجلس معها ويحاول ردها إلى مسيحها فحدثها عن مسيحها كثيراً وكيف تحمل كل شيء من أجل خلاصها وهي تريد أن تتركه وعرف أن مشكلتها تتعلق بالمال فأعطاها 2 جنيه ذهب وعرفها انه سيكلم لها البطرخانة لتنظر في مشكلتها، وقال لها يا بنتي أنا راهب ربنا أعطاني غنى كثيراً فإذا لم يكن لك رجلا يعولك فاعتبريني رجلك وأنا أعولك بنعمة المسيح، اعتبريني أباً أو أخاً لك لكن لا تتركي مسيحك من أجل المال أو من أجل أي شئ في العالم، غدا سيسألك المأمور..هل أنتِ مع مسيحك أم لا ؟ فماذا ستقولين له ؟
فقالت سوف أقول أني مع المسيح.
وفى الغد دخل القمص إبراهيم البراوى إلى المأمور وقال له نحن نشكركم ... خلاص البنت رجعت، إلا أن المأمور قد تغير وجهه وأرسل إلى المرأة وقال لها بغضب " أنت يا بنت إيه حكايتك؟ يوم معانا ويوم علينا "، فقالت المرأة يا جناب المأمور أنا معكم! أنا أحب أن أكون معكم. اندهش البراوى من المرأة وقال لها:
كيف تضحكين على شيبتي هذه ، ألم أجلس معكِ طوال الليل أحدثك عن مسيحك وقلت لي انك خلاص رجعتِ والآن أتتركين مسيحك من أجل ........ ؟؟؟
هنا ثار المأمور من أجل الكلام الذي سمعه وأمسك ورقة وكتب فيها ...........
نأمر نحن مأمور مركز طنطا بترحيل الراهب القمص إبراهيم البراوى المقاري إلى القاهرة وأن لا يبيت في طنطا أو يعود إليها مرة أخرى ... ثم أمر مساعديه أن يأخذوه إلى محطة القطار.
فقال له البراوى : ليه يا ولدى؟ ( يا ولدى لماذا؟ )، قالها بلهجته الصعيدية
فعاد المأمور وقال له إذا لم تذهب الآن سوف أحبسك.
البراوى: تحبسني أنا يا ولدى، تطردني أنا يا ولدى وأنا ابن أبو مقار كوكب برية شيهيت ... ثم ضرب بيده على مكتبه قائلاً :
حي هو اسم الله الذي أقف أمامه، قبل أن أخرج منها على قدمي تخرج أنت منها على ظهرك...
ونظر إلى المرأة وقال: وأما أنتي يا بنت الهلاك فمن الهلاك وإلى الهلاك تذهبين.
وبعد هذا أخرجه العسكر بعنف إلى محطة القطار.
ولكن هل ممكن أن يأتي القطار قبل أن يتم كلام البراوى قديس الله؟
لقد تعطل القطار حوالي خمس ساعات حدث فيها الآتي:
التهاب حاد في المصران الأعور عند المأمور فشل أطباء طنطا في ذلك الحين في علاجه ولم يكن هناك إمكانيات لإجراء عملية جراحية له في طنطا آنذاك، فحملوه إلى محطة القطار لإجراء العملية في القاهرة، ثم جاء القطار وأدخلوا المأمور على ظهره كنبوءة البراوى ثم ركب البراوى بعده في قوة أبناء المسيح. واتصلوا من طنطا بالبابا وقالوا له ما فعله القسيس مع المأمور وطلبوا منه أن يتدخل وما أن وصل القطار إلى القاهرة حتى اتجه المأمور إلى المستشفى واتجه البراوى إلى البابا، فقابله البابا قائلا " ما هذا الذي فعلته يا مبروك " فقال البراوى " حاللنى يا سيدنا أنا لم أفعل شيئاً " فقال له البابا : كل هذا ولم تفعل شيئا يا أبونا، المرأة وأولادها ماتوا تحت عجل القطار وهوذا العالم الآن منقلب ضدك بسبب ما حدث للمأمور، أرجوك يا أبونا صل من أجله لكي يبرأ.
البراوى: حاللنى يا سيدنا السر الإلهي خرج " قد مات المأمور ".
لقد أحدثت هذه المعجزة دوياً كبيراً وأرسل له الملك لكي يصلى من أجله ويباركه وأعطاه الكثير من الجنيهات الذهبية وكذلك الباشاوات كانوا يفعلون هذا فكان يوزعها على الكنائس الفقيرة وعلى ديره الفقير.
إبراهيم البراوى الذي هرب من الغنى والمجد والذهب من أجل حب المسيح ها هو المجد والغنى والذهب يبحثون عنه، ولعل ما حدث في هذه المعجزة يؤكد ما قاله كل من عاصره بأن هذا القديس إن غضب على أحد كانت؛


6- السماء والأرض تغضب :
أن قوة هذا القديس لم ترحل معه إنما ظلت في نفوس من عايشوه أو عاصروه مؤكدة ما جاء في حكمة يشوع بن سيراخ:
" أجسامهم دفنت بالسلام وأسماؤهم تحيا مدى الأجيال " ( سى 44 : 14 )
لقد ذكر المهندس إبراهيم جاد الله أنه في ظل الأحداث الأليمة التي حدثت لقداسة البابا شنودة الثالث أن والدته ـ دميانة مكاري ـ صرخت قائلة " فينك يا أبونا إبراهيم يا براوي، دا أبونا إبراهيم لما كان بيغضب على أحد كانت السماء والأرض بتغضب عليه " وكذا ذكرت المرحومة ليزا قسطنطين قائلة: لو كان أبونا إبراهيم البراوى موجود الآن كان فيه حاجات كتير مش ممكن تحصل في وجوده ( فقد كانوا يعملون له ألف حساب على كافة المستويات )
ومما أكد هذا :


7- مَن يمسكم يمس حدقة عينه :
كان لأبونا إبراهيم قريب غني يعيش في القاهرة، وكانت له بنات تزوجن وأنجبن، وأبونا إبراهيم كان يزوره وبناته بحكم القرابة القوية التي بينهما، وفجأة ماتت زوجته وأصبح وحيداً.
فلما رأى أبونا إبراهيم البراوى أن قريبه هذا سيتعب في وحدته بعد رحيل زوجته وليس له من يخدمه، أرسل إليه خطاباً إذ لم يكن أبونا إبراهيم وقتها بالقاهرة وطلب منه أن يتزوج مرة أخرى بامرأة تخدمه في شيخوخته، ويبدو أن الفكرة وجدت استحساناً عند ذلك الرجل، إلا أن الخطاب وقع في يد بناته فغضبن جداً من أبونا إبراهيم البراوى لأنه نصح أباهن بالزواج مرة أخرى بعد رحيل أمهن.
وكان أبونا إبراهيم يذهب عندهم أحياناً وكانت هناك غرفة مهيأة لاستقباله فتعمدن أن يتركن هذه الغرفة مظلمة وعندما كان يسألهن عن السبب كن يقلن " إن المصباح عطلان " فتكرر هذا مرات عديدة، وفى مرة ذهب وكانت البنات كلهن مجتمعات عند أبيهن غاضبات من أبونا إبراهيم فوقف الجميع لاستقباله ماعدا البنت الكبرى التي أعطته ظهرها بطريقة غير لائقة فقالوا لها " قومي أبونا إبراهيم جاء " فردت باستهزاء قائلة " بلا أبونا بلا أمنا واستهزأت به ".
فحزن أبونا إبراهيم أن قريبه ترك بناته يفعلن بهِ هذا وبالإضافة إلى الغرفة المظلمة دائما ومن استهزاء هذه المرأة به فقال: " ظلام ظلام، خراب خراب " ثم نفض عباءته عليهم وخرج، ثم ذهب إلى بيت ديمتري ابن أخيه وهو غاضب جداً فجلس ابن أخيه يستعطفه ويسترضيه أن لا يغضب على هذه الأسرة ويقول له " أقبل قدميك أن ترجع عن كلمتك أرجوك لا تغضب عليهم " ورغم دالته الكبيرة عليه إلا أنه كان يخاف من غضبه، فما كان إنسان يستطيع أن يقف أمام غضبه ولما حاول معه كثيراً قال له " يا ولدى لقد حاولت معهم كثيراً لكنهم صمموا على إهانتي، أعطيتهم فرصاً كثيرة للرجعة لكنهم أهانوا الكهنوت " إلا أن ابن أخيه حاول معه بأكثر إلحاحاً أن يرجع أيضاً عن كلمته ففوجئ بأن القديس غضب غضباً شديداً وأوصاه أن لا يتدخل في هذا الموضوع، وأضاف قائلا :
" أنت فاكر إن بيدي إرجاع شئ، الأمر قد خرج من عند المسيح وكتب في السماء ولا يستطيع إنسان مهما كان أن يرجع كلمة الملك "
وما حدث لهذه الأسرة من الخراب كان عظيماً، هذه الابنة الكبيرة مات جميع أبناءها ميتات بشعة وهذا الغني قد زال غناه وافتقر فقراً شديداً هو وبناته، لقد أهانوا رجل الله فعاقبهم الله.


8- البراوى والسمك :
كان هناك سيدة فقيرة ولكنها كانت مُحبة لأبونا إبراهيم البراوى تستقبله في بيتها وتحاول أن تقدم له أي خدمة من باب المحبة وكان هو يحب أسرتها.
وفي أحد الأيام اشتهى البراوى أن يأكل سمكاً فذهب وأشترى سمكة كبيرة وذهب بها إلى تلك السيدة التقية وقال لها " يا بنتي خذي هذه السمكة نظفيها وليكافئك المسيح "
فقالت له حاضر يا أبونا ... ثم أخذتها ووضعتها في المطبخ ونسيتها إذ كانت منشغلة بتحميص بُن وخافت عليه أن يحترق.
ولما طال انتظار البراوى اغتاظ وغضب ولكنه ظل صامتاً.
لكن إن كان البراوى صمت فالله يتكلم، اشتعل حريق في غرفة النوم ورأت المرأة النيران مشتعلة في ناموسية السرير ( سرير له أعمدة ) فقالت ما هذا إلا بسبب غضب البراوى لقد أهملته وتركته منتظراً بالخارج، فخرجت مسرعة إليه وقالت له:
أخطأت يا أبونا حاللنى البيت ها يتحرق من غضبك.
فابتسم البراوى وقال لها لا تخافي أحضري كوب ماء، فأحضرت له الماء فصلى عليه ورش الماء على النيران فانطفأت وكأن شيئاً لم يكن، ثم نظر إليها البراوى مبتسماً وقال لها : " هيا نظفي السمكة لكي أذهب " فتركت كل شئ في يديها وأسرعت بتنظيف السمكة وهي متعجبة من قداسته الممزوجة بالبساطة والطرافة.
فباركها البراوى وخرج ولكن كان للبركة أبعاداً أخرى منها :


9- من يقبلكم يقبلني : ( مت 10 : 40 )
كما ذكرنا كانت هذه الأسرة فقيرة ولكنها كانت محبة لأبونا إبراهيم البراوى وتستقبله في منزلها المتواضع، وفي أحد الأيام قالت الزوجة التقية لأبونا إبراهيم " يا أبونا أنت تعرف حالنا وضيق يدنا وزوجي لا يكسب إلا القليل الذي لا يسد احتياجات الأسرة، فصلى إلى السيد المسيح من أجلنا أن يزيد دخلنا ويوسع رزقنا ".
فنظر إليها البراوى وقال " متخفيش بكرة ها تركبوا الحديد ( السيارات ) "
وكان ذلك قبل صوم يونان فقال لزوجها : اسمع يا ابني إحنا داخل علينا صوم يونان عاوزك تصوم الثلاثة أيام " طي ليل " أي متواصلة وبعدها ربنا ها يغنيك و ها تركبوا الحديد ( السيارات ). وبالفعل صام الرجل الثلاثة أيام متواصلة نهاراً وليلاً، بل أن أبونا إبراهيم صام الثلاثة أيام متواصلة معه أيضاً، حتى أن ابن أخيه " ديمتري " سأله قائلا : إذا كان هو يصوم لكي يغنيه الله فلماذا تصوم أنت؟ فقال له: يا ولدي ما دمت قد أعطيت قانوناً فلا بد أن أنفذه.
وبعد الثلاثة أيام هذه أفاض الله على هذه الأسرة بركات مادية كثيرة وأعطاهم غنى كثيراً ولم يمر العام حتى امتلكوا السيارات والعقارات كنبوءة البراوى " بكرة ها تركبوا الحديد ( السيارات ) ".
ولقد تضاربت الأنباء عن سر هذا الغنى المفاجئ، فالبعض يقول أنه دخل في مزاد كبير أحدث نقلة كبيرة في حياته والبعض الآخر يقول لأنه كان يعمل في شركة " الترام " المترو ووجد حقيبة بلا هوية مملوءة بالنقود غيرت حياته، المهم أن الله بارك هذه الأسرة جداً بصلوات أبونا إبراهيم البراوى، ولقد ظل هذا الرجل يصوم صوم أهل نينوى حتى نهاية حياته على الأرض.


10- تعال أنت يا غلبان :
ومن الأشياء الطريفة أيضاً هذه الواقعة التي رويت نقلا عن المرحوم فيلبس سليمان:
أرسل البابا الكهنة يبخرون على المقابر قبيل العيد كما كان متبعاً في تلك الأيام كتعزية لأهل الميت من جانب ومن الجانب الآخر نوع من أنواع جمع التبرعات للكنيسة ومن ضمنهم أبونا إبراهيم البراوى، وكانت الكهنة تقف بجوار المقابر التي لها أصحاب أغنياء لأن عطائهم سيكون أكثر سخاء، فساء ذلك في عيني أبونا إبراهيم البراوى وذهب إلى مقبرة فقيرة جداً ولا يقف بجوارها أحد وقال:
" تعال أنت يا غلبان علشان ( لكي ) أصلي لك "
وبعد أن صلى وبَخر فوق المقبرة نظر إلى مقبرة ذلك الفقير فوجد فوقها جنيهاً ذهبياً يلمع مع الشمس، فابتسم وأخذه شاكراً الله على عطاياه.
ملحوظة : طبعاً الصلاة على المقبرة ليس لها علاقة بمستقبل الراحل ( الميت ) في السماء، لأن الله سيكافئه على حسب أعماله خيراً كان أو شراً، لكن هذه الصلوات المقصود بها تعزية الكنيسة المجاهدة ( المؤمنين الذين في الجسد ) وخاصة أهل الراحل وترسيخ الصلة بين الكنيسة المجاهدة على الأرض والكنيسة المنتصرة في السماء.
11- لفي بيها أولادك :
كان ديمتري ابن أخو البراوى له ابن اسمه ميشيل مات وهو طفل فحزنت أمه عليه كثيراً إذ انه أول ولد بعد بنتهما أسنات، وفي يوم ذهب أبونا إبراهيم إليهم ومعه جلابية الخدمة ( تونية ) وقال لزوجة ديمتري : ( كان يعتبر خالها فهي بنت مصطفية أخت أبونا إبراهيم البراوى أيضاً )
" خذي هذه قطعيها ولفي بيها أولادك "
فأجابته بحزن وأين هم أولادي يا أبونا ما أنت عارف أن ابني مات ومفيش حاجة في بطني ( وأنا لست حامل )؛
فقال لها : إسمعى بس الكلام دا أنتِ هاتلفي بيها ابنك اللي جاي ،
فقالت : صدقني يا أبونا مفيش حاجة في بطني
فقال لها : لا أنت حامل وفي بطنك ولد ،
وبعد فترة اكتشفت إنها حامل وبالفعل أنجبت ولداً وكان هذا عام 1927م، وأنجبت بعده ابنتان " رحيل وقمر ".


12-ثابت على طول :
بعد أن ولد الطفل أعطاه أبوه للمقدس سليمان ليباركه، فبعد أن باركه قال لابنه ديمتري يا ابني سميه يوسف ( ادعوه يوسف ) فتحير ديمتري كثيراً وقال إن هذا الولد جاء بنبوءة من أبونا إبراهيم والمفروض أن هو اللي يسميه ( يختار له اسماً ) فماذا أقول لأبي فأنا لا أستطيع أن أخالفه أيضاً، وفيما هو يفكر جاء أبونا إبراهيم البراوى وأخذ الطفل وباركه وقال النهارده السبت سيكون ثابت على طول، ادعوا اسمه ثابت .
ولأن ديمتري لا يستطيع أن يخالف الاثنين أسماه أسماً مركباً " يوسف ثابت " وقد أثبتت الأيام والسنون إنه كما قال أبونا إبراهيم " ثابت على طول ".


13- البراوى و البقرة :
ومن الطرائف أيضاً ذهب أبونا إبراهيم إلى براوة عند مكاري ابن أخيه سليمان وفيما هو جالس تقدمت إليه امرأة غير مسيحية عندها بقرة لا تحلب لبناً وهي حزينة جداً من أجلها لأنها امرأة فقيرة وتعيش من خيرها ( مثل اللبن والجبن والسمن ) فقالت لأبونا إبراهيم " البقرة مابتحلبش ( لا تحلب ) يا أبونا وأنا عايشة على خيرها، اعمل لها حجاب علشان تحلب. ( كلمة حجاب متعارف عليها عند السحرة وهي تعاويذ سحرية تكتب باللون الأحمر في ورقة وتلف على هيئة مثلث )
فلما سمعها أبونا إبراهيم انتهرها قائلا : " يا ست امشي إحنا مابنعملش الكلام ده "
ولكن المرأة كانت تثق في تقواه فطلبت منه وبإلحاح شديد أكثر من مرة، فكان يجيبها غاضباً يا ست إحنا مابنعملش الكلام ده، لكن المرأة كانت لحوحة جداً استفزت صبر أبونا إبراهيم فأراد أن يصرفها بأي طريقة غير عالم أن السماء مترقبة كلماته لتنفذها، فأمسك ورقة وقلم وكتب قائلا:
" تحلب لا عنها ما حلبت " ثلاث مرات ... أي تحلب إن شاء الله ما حلبت ... وقال لها خذي هذه الورقة وضعيها في شوية ميه ( ماء ) وخلي البقرة تشربهم وفي الصباح ستحلب.
فأخذتها المرأة بإيمان وفعلت كما أمرها و في الصباح،،،
أحضرت المرأة أنجر كبير ( وعاء كبير ) مملوء باللبن إلى أبونا إبراهيم وهي فرحة متهللة وقالت خذوا هذا اللبن لأبونا يفطر بيه علشان البقرة حلبت لبن كثير جداً.
حقاً لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً بمقدار هذا ( لو 7 : 9 )
ولعل إيمان هذه المرأة ولجاجتها يذكرنا بقول السيد المسيح له كل المجد قاصداً اللجاجة في الصلاة " و إن كان لا يقوم ويعطيه لكونه صديقه فإنه من أجل لجاجته يقوم ويعطيه قدر ما يحتاج " ( لو 11 : 8 ).


14- يا رب أطلع لك بسلالم !!!
و في براوة أيضاً ذكر المهندس إبراهيم جاد الله نقلاً عن والدته المرحومة دميانة مكاري إنها قالت : لم يكن لأبي الخواجة مكاري سليمان إلا بنتان " بدور وأنا " تزوجت أختي بدور في مغاغة ( إحدى مراكز محافظة المنيا ) وأنا تزوجت وبعد صراع زوجي مع المرض والشلل لمدة سبع سنوات كنت فيها أخدمه مات أخيراً وعلى إثر ذلك رجعت مرة أخرى لأعيش في بيت أبي ببراوة، وكان جدي القمص إبراهيم البراوى يأتي لزيارتنا في براوة، ولكنه كان حزيناً من أجل ابن أخيه " مكاري " أن ينقطع ذكره وينغلق منزله ويحكم الله على بيته بالخراب، بل وحزيناً من أجلي أنا أيضاً لأن زوجي مات وترملت صغيرة.
ففي إحدى زياراته لبراوة وبينما هو جالس معنا خلع العمة ( عمة الكهنوت ) ونظر إلى السماء وقال :
يا رب يعني أطلع لك بسلالم، متى ستعمر هذا البيت ؟
وعرفت منه إن الله سيعمر هذا البيت.
والعجيب!!! و لكي يتمم الله قول عبده وقديسه إبراهيم البراوى الذي لم يتعود أن يرد له طلب،،
تزوجت دميانة بعد نياحة أبونا إبراهيم البراوى بحوالي خمس سنوات وحملت من زوجها ثم توفى زوجها فاضطرت للعودة إلى منزل أبيها ببراوة وبالتالي عمرت بيت أبيها هي و ابنها إبراهيم الذي ولد يوم 6 هاتور أي قبل يوم ذكرى نياحة أبونا إبراهيم البراوى بيوم واحد ( وأغلب الظن أنها دعت أسمه على اسم جدها إبراهيم البراوى ) والذي أصبح مهندساً زراعياً فلم يجد مفر من الاستقرار في براوة بسبب طبيعة عمله ورغم عزوفه عن الزواج لسنوات طويلة إلا إن والدته كانت تقول له إنها مطمئنة إن هذا البيت سوف يعمر لأن أبونا إبراهيم البراوى قال إنه سوف يعمر.
ولقد رتبت العناية الإلهية أن يتزوج المهندس إبراهيم في أثناء جمعنا لسيرة المتنيح أبونا إبراهيم البراوى و لقد أنجب طفلاً اسماه " مكاري " إحياء لذكرى جده الخواجة مكاري وتنفيذاً لنبوءة البراوى.


15- تعيش مستور وتموت مستور :
كان القمص إبراهيم البراوى رجلاً مكشوف العينين لا يصلي باطلاً و لا يتفوه بالكلمات عفوياً، بل كل كلمة كانت تخرج من فمه كان يعنيها، كلمة صائبة قوية نافذة.
ونحن رأينا أن مجرد قوله للمرأة الفقيرة أن بقرتها ستحلب في الصباح أنها حلبت، والأسرة الفقيرة قال لهم " بكره ها تركبوا الحديد ( السيارات ) " فتحقق قوله. فصار هذا معلوماً عند الجميع أن الله لا يرد كلمة البراوى.
كان هناك رجلاً جواهرجياً ( صائغ ) ولم يكن له نسل، تقابل مع ديمتري أفندي وقال له أنت تعلم أن عمك القمص إبراهيم البراوى إن خرجت كلمة من فمه فإنها تُسجل في السماء، فإن قال لي إني سأرزق بنسل فإن الله حتماً سيستجيب له .
فاتفق ديمتري أفندي مع ذلك الرجل على خطة فقال له :
أنت تدعو أبونا إبراهيم لتناول الغذاء عندك و أنا سأقنعه بذلك بل وسأحضر معه، وبعد الغداء تطلب منه طلبك، وكونه في منزلك لا أعتقد إنه سيرد طلبك، فوافق الرجل على هذا.
ثم قال ديمتري لأبونا إبراهيم فلان الجواهرجي يدعوك لتناول الغداء عنده وطبعاً أنت تعلم أن الله لم يرزقه بنسل، وأنا أطلب منك أن تصلي له لكي يعطيه الله نسلاً بصلواتك، لكنه رفض فألح عليه فرفض أيضاً.
ولكن من أجل كثرة المحبة التي بينهما أخذه رغماً عنه إلى بيت ذلك الجواهرجي، وطوال الطريق يقول له ... خلي بالك يا أبونا إحنا رايحيين علشان ( من أجل ) تصلي له أن يعطيه الرب نسل ... ما تنساش إحنا رايحيين ليه ... ثم يعيد عليه نفس الكلام.
إلا أنه لم ينطق بكلمة في الطريق إلى أن وصل. وبعد تناول الغداء، قام ليخرج دون أن ينطق بكلمة، فقال له ديمتري أنت نسيت يا أبونا؟ أنت لم تصلي للرجل من أجل الموضوع الذي جئنا من أجله !!! فوقف أبونا إبراهيم البراوى يصلي ويضرب ميطانيات ( سجدات ) ثم يعود إلى الصلاة مرة أخرى وبعد فترة من الصلاة وقف وقال للرجل :
أهم حاجه يا ابني الستر وأنت ربنا ها يسترها معاك إلى النهاية،ها تعيش مستور و تموت مستور "
و بالفعل لم ينجب الرجل، لكنه عاش مستوراً ومات مستوراً.


16- البراوى وإخراج الشياطين :
ذكر السيد حنا حرز من سكان قرية الطيبة ( سمالوط ـ المنيا ) وهو ممن رأوا أبونا إبراهيم وصلى معه سنة 1939م ويعتبر أبونا إبراهيم عم والدته المرحومة أليصابات سليمان :
كان هناك شاب صغير في قرية الطيبة يدعى " حبيب عزب منصور " من عائلة الغطايسة، ظهر له شيطان ( عفريت على حد قوله ) وهذا الشيطان صرعه فتحول حبيب بعدها إلى جثة هامدة لا يتحرك ولا يتكلم ولم يعد فيه إلا النفس فقط، وظل على هذه الحالة لمدة أسبوع كأنه ميت، وتصادف أن ذهب أبونا إبراهيم البراوى إلى قرية الطيبة وكان يقيم عند شخص يدعى عبد الله جريس كان يستضيفه دائماً في منزله، بل كانت هناك غرفة في منزله معروفة بأنها قلاية أبونا إبراهيم البراوى.
فقال عم عبد الله لأبونا إبراهيم عن قصة هذا الشاب وما حدث له وطلب منه أن يصلي من أجله، إلا أن أبونا إبراهيم طلب منه أن يحضره إلى الكنيسة، فقال له عم عبد الله كيف نحضره يا أبونا إنه لا يتحرك أبداً، إنه مثل قطعة الخشب.
فقال له أبونا إبراهيم " احملوه واحضروه لي في القداس "
حملوه إلى الكنيسة كأنه قطعة خشب وبعد القداس صلى له أبونا إبراهيم البراوى وخلع عليه التونية وقال لهم " خلاص خذوه، ها يخف ومش ها يموت دلوقت "
وبالفعل بدأ يفيق ويتحسن ويمشي و في الأسبوع التالي ذهب إلى الكنيسة وهو صحيح معافى وتناول من الأسرار المقدسة من يد أبونا إبراهيم البراوى.
وظل " عم حبيب " يشكر الله على هذه المعجزة أكثر من 65 عاماً، قص فيها هذه المعجزة على مئات من الناس سواء من أهالي قرية الطيبة أو من القرى المجاورة، سواء كانوا مسيحيين أو غير مسيحيين.



الفصل الخامس
((انتقالـــــــــــــــه ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معرفة يوم انتقاله:
روى السيد حنا حرز ( الطيبة ) وآخرون بأنه قبل نياحة أبونا إبراهيم بثلاثة أشهر ظهر له أخوه المتنيح المقدس سليمان الذي تنيح قبله ببضع سنوات ( سنة 1932م ) قائلا له " لقد سبقتك يا أخي إلى القدس وهيا قم لا تنام واستعد لأنه حان وقت مجيئك معي، فاذهب وودع أهلك في براوة وأبو جرج والطيبة ثم عد إلى ديرك لتتنيح هناك "، فظنه القديس خيالا فرشم ذاته بعلامة الصليب ونام فأقامه مرة أخرى قائلا " أنا أخوك سليمان، أنا لست خيالا وجئت لأخبرك بيوم نياحتك فقم واستعد وودع أهلك كما أخبرتك" فقال القديس مداعباً أخيه " أنت يا سليمان سبقتني إلى الفردوس وجاي تخبرني بيوم نياحتى وأنت تزوجت مرتين وأنجبت ثمانية وأنا لسّه هنا، فقال له المقدس سليمان " يا أبونا لإبراهيم هو أنت مش عاوز حد يدخل السما إلا الرهبان، الله وحده وازن القلوب ".
وذهب أبونا إبراهيم لتوديع أهله في براوة وأبو جرج والطيبة ( وطبعاً القاهرة ودير الراهبات الذي كان يخدم فيه ) وأخبرهم بخبر نياحته وإنه ذاهب ليتنيح في ديره، وفي الطيبة ألحوا عليه أن يقص عليهم كيف عرف هذا، فأخبرهم بظهور أخيه سليمان له وما حدث بينهما.
ويبدو أن أبونا إبراهيم لم يكن منتظراً أن الذي يخبره بخبر نياحته هو أخوه سليمان، فربما كان منتظراً أبيه وحبيبه أبو مقار، لكن الله أراد أن يظهر مدى قداسة سليمان من ناحية ومن ناحية أخرى أراد أن يؤكد نفس المعنى الذي قاله مسبقاً لأبيه أبو مقار " أنه لا فرق بين متزوج أو متبتل لأن الله يطلب من كليهما نقاوة القلب ".
 قد أتت الساعة :
أما الذي روى خبر نياحته في الدير فهو المتنيح نيافة الأنبا ثاؤفيليس رئيس دير السريان العامر والذي كان يعرف عنه الكثير جداً لكن للأسف لم نتقابل معه وهو في الجسد.
في تلك الأيام كان ديمتري ابن أخيه يعمل بالإسكندرية ولما رجع وجد عمه القمص إبراهيم البراوى قد تنيح فحزن جداً لأنه لم يودعه قبل نياحته، وفي احدي زياراته للأنبا ثاؤفيليس ـ إذ كانت تربطه به علاقة قوية ـ بادره الأنبا ثاؤفيليس قائلا :
" تعال لما أقول لك كيف تنيح عمك القمص إبراهيم البراوى "، فقال:
كان يصلى القداس وبعد أن أكمل صلاته وناول الشعب من الجسد والدم وقبل أن يصرف ملاك الذبيحة، سجد أمام المذبح المقدس وأستودع روحه الطاهرة بين يدي الله في أقدس لحظة في حياته دون أن يشعر أحد انه تنيح لأنهم كانوا يظنوه يصلي، ولما طال سجوده قال له الشماس " يا أبونا قوم اصرف ملاك الذبيحة واصرف الشعب"، لكنه لم يجبه، ولما طال الانتظار اضطر الشماس أن يلمسه فاكتشف إنه تنيح بسلام.
لقد أراد الله أن يخبر الجميع أن هذا الرجل قديس عظيم وإنه يحبه و إلا ما أخذه في هذه اللحظة بالذات وأصعد روحه الطاهرة مع ملاك الذبيحة.
طوباك يا أبونا إبراهيم يا من جاهدت الجهاد الحسن وأكملت السعي وأخيراً وضع لك إكليل البر الذي يهبه الله للذين يحبونه ( 2تى 4 : 7 ، 8 ).


الراهبات يبكين :
ذكرت السيدة رحمة سليمان لابنتها فيكتوريا قائلة :
بعد أن جاء عمي القمص إبراهيم البراوى إلينا في الطيبة وودعنا وعرفنا إنه ذاهب ليتنيح في ديره ( أبو مقار ) ذهبت إلى القاهرة بعدها بفترة فوجدت راهبات تسيرن في الشارع وتبكين ( غالباً في منطقة حارة الروم حيث دير الأمير تادرس الشطبي ) فسألتهن قائلة : " ليه أنتم ماشيين بتبكوا؟ "
فقلن لها وهن باكيات " أخونا إبراهيم مات، أخونا إبراهيم مات "
فسألتهن قائلة " من هو أخوكم إبراهيم إللي بتبكوا عليه كل هذا البكاء؟ "
فأجابوها أيضاً قائلات " أخونا القمص إبراهيم البراوى المقاري الذي كان قوياً في القول والفعل وقد أخبره الله بيوم نياحته قبلها بثلاثة أشهر ونحن نبكي لأنه تنيح "
ولما علمت السيدة رحمة بهذا رجعت على الفور وأخبرت عائلتها بخبر نياحة عمها إبراهيم البراوى فذهبوا إلى الدير من أجل جسده.


جسد القديس :
لقد طلب أقارب القديس دفن جسده في مقابرهم الخاصة، إلا أن الرهبان رفضوا وقالوا إن أبونا إبراهيم قد مات عن العالم وتركه بإرادته فلو كان يريد أن يدفن عندكم لبقي هناك، لكن هذه كانت رغبته أن يدفن في ديره.
ونحن لا نعرف أين دفن أبونا إبراهيم بدير أبو مقار، فهل عظامه ضمن عظام الطافوس ( المدفن ) القديم أم أن هناك مكان آخر قد دفن فيه.
صلوا أن يرشدنا الله إلى مكان جسده الطاهر لكي يكون سبب بركة لكثيرين.


السنة التي تنيح فيها البراوى :
لم يحالفنا الحظ بأن نلتقي بهؤلاء الذين يعرفون يوم أو سنة النياحة بالضبط فلجأنا للحسابات المنطقية، وإذ كانت هناك بعض الحسابات الزمنية تقول أن أبونا إبراهيم تنيح سنة 1941م ولكن لما تقابلنا مع نيافة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط أخبرنا أنه كان بدير أبو مقار سنة 1941م ولم يرى أبونا إبراهيم هناك أو يحضر نياحته وهذا يعنى أن أبونا إبراهيم تنيح قبل سنة 1941م وتقابلنا مع المقدسة ليزا قسطنطين قبل رحيلها ( القديس عم زوجها ) فأخبرتنا أن أبونا إبراهيم تنيح بعد ذهابهم للغردقة وذهابهم للغردقة كان في أواخر عام 1936م وعادوا منها سنة 1940م، أي أن أبونا إبراهيم تنيح ما بين أواخر سنة 1936م و أواخر سنة 1939م، إلا أن السيد حنا حرز بقرية الطيبة رأى أبونا إبراهيم ووصفه بالتدقيق وقال أنه صلى معه بالطيبة سنة 1939م وفى الحقيقة أن أطول فترة قضاها أبونا إبراهيم بالطيبة كانت قبيل نياحته مباشرة حين كان يودعهم وقضى معهم شهر وبالتالي الأرجح أن أبونا إبراهيم تنيح سنة 1939م ونحن نحتفل بعيد نياحته في السابع من هاتور من كل عام.


وصف البراوى :
وهذه هي الأوصاف التي قالها عم حنا عن البراوى ( انه كان طويلاً ونحيفاً وقوياً، وجهه طويل، لحيته بيضاء طويلة وكان يرتدي صدِرة ذهبية غالية الثمن مملوءة بالفصوص من كل جانب ( كان يرتديها على صدره غالباً أثناء خدمة القداس).
( رؤ 1 : 13 )، ( رؤ 15 : 6 )، ( دا 10 : 5 )، ( خر 28 : 15 ـ 30 )


الفصل السادس


(((ألقـــــــــــــــــابه)))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- ابن أبو مقار على سن و رُمح :
بعد معجزة القطار التي ذكرناها سالفاً وقال البراوى عن نفسه إنه ابن أبو مقار على سن و رُمح اعتزازاً بالقديس مقاريوس الكبير وثقة في قداسته، صار هذا لقباً من أهم ألقابه.


2- الكوكب ابن الكوكب :
انطلاقا من إنه ابن أبو مقار على سن و رُمح وإن أبو مقار كوكب برية شيهيت وان القمص إبراهيم البراوى صنع الله بواسطته معجزات عظيمة برهنت على قداسته وعلى انه قد صار كوكباً من كواكب البرية، لذا صار لقبه " الكوكب ابن الكوكب " نسبة لأبو مقار من حيث انتسابه لديره ونسبة للأنبا أنطونيوس كوكب البرية من حيث أنه راهب، وقد أخبرنا نيافة الأنبا متاؤس بهذا عندما طلب من حقارتي أن أكتب سيرته فقال لي " أنت جدك الكوكب ابن الكوكب، أنت تكتب سيرة الكوكب ابن الكوكب وهو سيساعدك في كتابة سيرته وقد كان بنعمة المسيح وببركة هذا القديس العظيم ".


3- البـــــــــــراوى :
كان صديقاً حميماً للبابا كيرلس الخامس ( البابا ال 112 الملقب بأبو الصلاح ) وكان لا يدعوه إلا بالبراوى لذلك صارت شهرته ( إبراهيم البراوى ). وهذا ما ذكره المتنيح القمص ميخائيل باسيلي الدشاشى ( كاهن كنيسة الملاك ميخائيل بقرية دشاشه، إحدى القرى القريبة من قرية براوة والتي كان يصلى فيها أبونا إبراهيم البراوى)، فقد كان يعرفه وعاصره وأمدنا ببعض المعلومات عنه قبل نياحته.






4- الرجل القوي :
لم تكن القوة البدنية التي تمتع بها البراوى طوال حياته رغم نحافته هي السبب وراء هذا اللقب، إنما هي قوة الآيات والمعجزات التي صنعها الله بواسطته، وكذا قوة كلمته النافذة التي لم يستطع أحد أن يقف أمامها، إنها قوة الصلاة التي تحرك ذراع القدير، إنها قوة البر، فصلاة البار تقتدر كثيراً في فعلها ( يع 5 : 16 ).
ومن أبرز ما يميز قوته إنه يعرف انه قوي بالمسيح، فلم يتوسل كثيراً لكي يقف القطار لكنه وصل لدرجة التحدي فلن يستطيع القطار أن يتحرك بدون إذنه بل وبشروطه، أي قوة هذه؟ إنها قوة الإيمان بسيده الذي قال " إن كنت تستطيع أن تؤمن، كل شئ مستطاع للمؤمن " ( مر 9 : 23 )، كل من حوله كان يعلم أن مجرد خروج الكلمة من فمه قد صارت بمثابة فرمان سماوي، لذا فقد كان الجميع يتمنى سماع البركة من فمه وأيضاً يتلافى قوة غضبه لأنه كما قالت عنه السيدة دميانة مكاري " إذا غضب على إنسان كانت السماء والأرض تغضب عليه ".
لقد قال الله " نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا " ( تك 1 : 26 )، لقد أظهر الله صورته من خلال هذا القديس، صورة الإله القوي.


5- الرجل الغنى :
لقد ترك القمص إبراهيم غنى العالم بإرادته من أجل غنى المسيح وتجرد من كل شئ حاملا الصليب وراء المسيح في البرية التي كانت تعاني أسوأ حالاتها في ذلك الحين ، إلا أن الله لما رأى صدق نيته في ترك غنى العالم واختياره ـ وبكل حب ـ الحياة الفقيرة القاسية في البرية أفاض عليه بركات كثيرة وفتح له كوَى السماوات ( ملا 3 : 10 )، وجعل الغنى يبحث عنه في كل طريق وصدق أحد الآباء حين قال:
" من يبحث عن الكرامة تهرب منه ومن يهرب منها بفهم تبحث عنه وتخبر الآخرين أيضاً عنه " وكأن الله يقول له أنت اخترت أن تكون الرجل الفقير وأنا سأجعلك الرجل الغني، كما فعل مع القديسة المحبوبة الملكة أنا سيمون التي تركت مُلك العالم وعاشت في البرية مع الوحوش فجعلها الله ملكة على الوحوش فتركت مُلك الوحوش وعاشت في أحد الأديرة كهبيلة فكشف الله سرها فهربت إلى البرية الجوانية فجعلها الله رئيسة للآباء السواح وكأن المُلك الذي تركته يبحث عنها، هكذا فعل الله مع أبينا القمص إبراهيم البراوى فغنى العالم الذي تركه صار يبحث عنه، ولكنه لم يستغل هذا الغني في ترفيه نفسه إنما جعل من نفسه أميناً عليه من أجل ديره الفقير وكذا الكنائس الفقيرة والفقراء دون أن يكشف ذاته أمامهم ليكون مستحقاً لوعد السيد المسيح له المجد " كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير " ( مت 25 : 21 )، وفى أثناء خدمته في دير الأمير تادرس الشطبي بحارة الروم كانت الراهبات تداعبنه قائلات " لقد تركت حياة الفقر في العالم وترهبنت من أجل الغنى والمال في الرهبنة " فكان يقول لهن بحزم " أنا غني من بيت غني تركت غنى العالم من أجل غنى المسيح، أنا راهب وقس وقمص كمان ".
إن هذا الذي ترك غنى العالم صار من أهم ألقابه إنه " الرجل الغني "

الفصل السابع


((قالوا عن البراوى))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نيافة الأنبا متاؤس :
التقيت مع نيافة الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان العامر في 24/3/1997م في عيد الشهيد إيلياس الإهناسي بمدينة إهناسيا إحدى مراكز محافظة بنى سويف وأخبرته كنوع من الافتخار أن أبونا إبراهيم البراوى المقاري من قريتنا براوة فقال لي مندهشاً " أنت تعرف الكوكب ابن الكوكب!!! " فقلت له ماذا تعني بالكوكب ابن الكوكب ؟
فقال لي: لقد كان القمص إبراهيم البراوى رجلاً قديساً معروفاً عنه أنه ذو كلمة قوية نافذة وكان يقول في قوة أنا الكوكب ابن الكوكب نسبة للأنبا أنطونيوس كوكب البرية ولأبيه أبو مقار كوكب برية شيهيت ( لعل هذا اللقب بدأ بعد معجزة القطار حين قال البراوى " أنا ابن أبو مقار على سن و رُمح " )، وبدأ سيدنا يقص للحاضرين المعجزة التي أوقف فيها أبونا إبراهيم البراوى القطار فانبهروا لما سمعوها من قوة هذا القديس وصاروا يتساءلون عن سيرته ويوجهون أنظارهم إلي كأني أعرفها وهنا قال لي نيافة الأنبا متاؤس " أنت تكتب سيرة الكوكب ابن الكوكب " قلت له يا سيدنا لكني لا أعرف شيئاً عنه إلا القليل جداً، فقال لي " لا تخف هو سوف يساعدك "، فقلت ما هذا إلا فرمان سماوي صدر بخصوص سيرة هذا القديس ومن يستطيع أن يخالفه ومن وقتها وأنا أحاول أن أصل إلى عمق سيرة هذا القديس العظيم الراهب القمص إبراهيم البراوى.


مع نيافة الأنبا ميخائيل بأسيوط :
أرسلني نيافة الأنبا متاؤس إلى نيافة الحبر الجليل الأنبا ميخائيل مطران أسيوط لكي أسأله عن أي معلومة يعرفها عن أبونا إبراهيم البراوى وأعطاني خطاباً لنيافته بخصوص هذا الشأن وبعد صعوبة تقابلت مع نيافة الأنبا ميخائيل بأسيوط وكان يوم جمعة ختام الصوم ( الصوم الكبير سنة 2002م )، ولكني لم أجد صعوبة لأذكره بأبونا إبراهيم البراوى الذي تنيح منذ أكثر من ستين عاماً لأني ما أن ذكرت أسمه حتى تذكره سريعاً، ورغم إنه لم يراه بالجسد إلا أني سألته: هل تعرف أبونا إبراهيم البراوى؟ فقال ومين ما يعرفش البراوى لقد سمعت عنه الكثير، وروى لي بدقة شديدة معجزة توقف القطار ثم معجزة المأمور بطنطا وموقف مع البابا يوأنس التاسع عشر في دير أبو مقار، وكان متعجباً جداً إن بعد هذه السنين الطويلة تخرج سيرة أبونا إبراهيم البراوى وقال لي إنه من الصعب جداً أن تخرج سيرة هذا القديس بعد هذه السنين الطويلة ثم قال لي:
" لكن لا تخف القديس سيقف معك ويساعدك "


رسالة تأخرت أكثر من نصف قرن :
تقابلت مع المقدسة ليزا قسطنطين الذي يعتبر أبونا إبراهيم البراوى عم زوجها المرحوم ميخائيل سليمان وعرفتها إننا نقوم بإعداد كتاب عن سيرة أبونا إبراهيم البراوى، فلما سمعت الاسم صمتت قليلاً ثم قالت :
" أبونا إبراهيم البراوى كان قديس ، قديس، قديس،......الخ
ـ إلى هذه الدرجة بلغت قداسته ؟
ـ وأكثر من هذا يا ابني، لقد كان قديس نفتقده هذه الأيام، ليته كان يعيش حتى الآن...كانت فيه حاجات كثيرة مش ممكن تحصل!!!
ـ هل كنت تعرفينه عن قرب ؟
ـ نعم يا ابني...لقد كان يأتي عندنا في حارة السقايين وكان يصعد إلينا في الدور الثالث وكان يحبني جداً ويقول لي أنا أتي هنا من أجلك أنت فقط وأما هؤلاء فلا يستحقون أن آتي إليهم ( يقصد هؤلاء الذين غضب عليهم، ذكرنا هذه المعجزة بعنوان " من يمسكم يمس حدقة عيني ".
ـ ماذا كان يفعل عندما يأتي إليكم ؟
ـ لم أعهده تناول شيئاً عند أي أحد من أكل أو شرب إلا نادراً، بل كان يعمل كل شئ بنفسه وكان يسكن في غرفة في حارة السقايين في أواخر أيامه، وعندما كنت أود أن أصنع له ولو فنجال قهوة كان يرفض بشدة ويقول " عليك بركة تجلسي ".
ـ هل تذكرين له شئ من معجزاته ؟
ـ كان يصنع معجزات كثيرة جداً ولكن لم يأتي في ذهني أن أحفظها والذين كانوا يحفظون تنيحوا جميعاً.
ـ ألا تتذكري أي شئ ؟
ـ قبل أن يرحل أبونا إبراهيم البراوى ذهب إلى أقاربه ليودعهم وعرفهم إنه سيعود للدير ليموت هناك، ومن ضمن رحلته الوداعية ذهب إلى قرية الطيبة وكان يقيم عند رجل يدعى عبد الله أبو جريس وجلس عنده لمدة شهر وودع أهله هناك، وفي أحد الأيام كان شخصاً مريضاً مشرفاً على الموت فقال عم عبد الله لأبونا إبراهيم أن يصلي من أجل هذا المريض، فصلى أبونا لذلك المريض وقال لعم عبد الله ماتخفش ( لا تخف ) ها يخف ومش ها يموت دلوقت ( لن يموت الآن ).
وفي اليوم التالي سُمع صوت صُراخ وبكاء فلما استفسر عم عبد الله عن السبب فقالوا له " فُلان...الذي صلى له أبونا إبراهيم البراوى بالأمس قد مات "، فحزن عم عبد الله وذهب إلى أبونا وقال له " الرجل اللي صليت له بالأمس وقلت لي إنه مش ها يموت، مات يا أبونا !!! ".
فوضع أبونا إبراهيم رأسه بين راحتيه للحظات، ثم رفع رأسه ونظر إلى عم عبد الله وقال " لم يمت يا ابني، عيب يا ولدي عندما أقول لك إنه ها يخف ومش ها يموت دلوقت ... يبقى ها يخف ومش ها يموت دلوقت، اذهب وتأكد بنفسك انه حي ولم يمت ".
فذهب عم عبد الله إلى منزل ذلك الرجل فوجده حي ولم يمت، وكان الميت شخصاً آخراً بجواره! فتعجب عم عبد الله وقال حقاً إن الذي يسكن بيتي قديس عظيم مكشوف العينين، ورجع إلى أبونا إبراهيم في خجل،فبادره أبونا إبراهيم قائلاً " تأكدت انه حي؟ "
فقال له عم عبد الله " بل تأكدت إنك قديس الله "
( ويبدو أن هذا المريض هو " حبيب عزب منصور " من عيلة الغطايسة ولقد تحدثنا عن هذه المعجزة بعنوان " البراوى وإخراج الشياطين " ).
ـ هل تعرفين شيئاً عن ديره ؟
ـ عندما هرب من أخيه سليمان، توجه أولاً إلى دير العذراء ( المحرق ) بأسيوط وبعد فترة تركهُ وذهب إلى دير أبو مقار.
ـ سمعت أنه كان غنياً فهل هذا صحيح ؟
ـ نعم يا ابني كان غنياً جداً...جداً وكان يقرض الكثيرين وكان عنده ذهب كثير، فقد كان الملوك والباشاوات يستدعونه لكي يصلي من أجلهم وكانوا يعطونه ذهب كثير ولم يكن يفرط في هذا المال بسهولة، وأذكر أنه أقرض ديمتري ابن أخيه ( الذي كان يحبه جداً ) مبلغاً من المال، إلا أنه ظل يلح عليه حتى استرده، فتعجب ديمتري من هذا ولما استفسر عن سبب هذا الإلحاح، وقال له ألا ينبغي أن تعطي من هذا المال لأقاربك الفقراء؟ قال له أبونا :
" أقاربي الفقراء مسئوليتكم أنتم الذين تعيشون في هذا العالم ولكن أنا قد مت عن العالم وكل ما هو لي هو ملك لديري الذي عشت فيه، هذا ليس مالي حتى ابذره "
كنت تراه وهو يجمع العادات والأموال من الناس تظنه محباً للمال ولكنه في الحقيقة كان محباً لديره ولإخوته الرهبان الفقراء، وكان دير أبو مقار في ذلك الحين فقيراً وكان أبونا إبراهيم يحاول أن يساعده بكافة الطرق.
ـ هل صلى لكِ ؟
ـ لقد كان يحبني يا ابني واعطانى ورقة مكتوب فيها صلوات كانت سبب بركة كبيرة لي ولكنها للأسف فُقدت منى وأنا حزينة جداً عليها إلى الآن وقال لي: لن تعيشي كل أيامك فقيرة بل ستكون نهاية أيامك سعيدة وأبناؤك مباركين، والحمد لله فقد بارك الله كل ابنائى واعطانى كما ترى.
ـ حاولي أن تتذكري معجزة أخرى ؛
ـ لقد كان زوجي يريد السفر للغردقة للعمل هناك ولكنه سمع كلاماً كثيراً عن سوء الحياة هناك في ذلك الحين فتردد ورفض ولكننا أخيرا عرضنا الموضوع على أبونا إبراهيم وطلبنا منه الصلاة من أجل هذا الموضوع ( كان ذلك سنة 1936م ) وبعد يومين جاء إلينا وقال لزوجي " عيشك في الغردقة وما تسمعش كلام الناس، ربنا ها يباركك هناك وأنا ها صليلك " و صلى لنا.
عندما جاء ميعاد السفر، كانت هناك مسافة نأخذها بالباخرة لمدة أربعة أيام حتى نصل والطعام فيها العيش والماء فقط ولما كنت أنا وزوجي والأولاد منتظرين ميعاد إقلاع السفينة أقلعت دون أن ندرى وأصبحنا في حيرة، لقد تركنا العمل في القاهرة وبيننا وبينها مسافة كبيرة، فماذا نفعل الآن ؟
وبطريقة معجزية التقى زوجي مع شخص عرف منه أن هناك سفينة ستقلع الساعة الثامنة مساءاً، بسرعة وبطريقة معجزية انتهت كل الإجراءات اللازمة وتم الحجز في هذه السفينة والعجيب في هذا أن هذه السفينة قطعت الرحلة في نصف يوم، اى وصلنا الغردقة الساعة الثامنة صباحا فمجدنا الله وعرفنا أن صلوات أبونا إبراهيم كانت تؤآزرنا فاسترحنا من مشقة أربعة أيام سفر في البحر ولقد باركنا الله هناك كما ذكر أبونا إبراهيم وكانت أجمل أيام حياتنا.
وذكرت أيضاً انه كان يصلى على كوب ماء ويعطيه للمريض فيشفى.
وما أثار دهشتي في هذا أن المقدسة ليزا بعد أن قالت لي هذا وأوصتني أن أحضر لها كتاباً لسيرة أبونا إبراهيم البراوى فور صدوره ليكون بركة معها، بعد أيام قليلة أصيبت بنزيف في المخ ودخلت في مرحلة الغيبوبة وظلت تصارع المرض حوالي سبعة أشهر ثم تنيحت عن عمر يناهز الثمانين أو التسعين، فهل كانت هذه رسالة عن أبونا إبراهيم البراوى كان لابد أن تقولها وتأخرت أكثر من نصف قرن، ربما.
 قديس بمعنى الكلمة
قبل نياحة القمص ميخائيل باسيلي الدشاشى ( المتنيح في 19/1/2001م ) كاهن كنيسة الملاك ميخائيل بقرية دشاشة إحدى قرى محافظة بني سويف التابعة لمركز سمسطا والقريبة من قرية براوة بل كانت براوة تتبع لها كنسياً، ذهبنا إليه لنسأله عن أبونا إبراهيم البراوى إذ كان معاصراً له، وقد كان رجلاً قديساً وشيخاً وقوراً ولكن للأسف لما شرعنا في كتابة سيرة أبونا إبراهيم البراوى كان أبونا ميخائيل في مراحل مرضه الأخيرة ولا يستطيع الكلام بل دائماً تائه ولا يعرف أحد، فقالوا لي لا تذهب إليه لتسأله لأنه لا يتكلم وغالباً في غيبوبة دائمة، إلا أنني صممت على مقابلتهِ وسؤاله عن أبونا إبراهيم البراوى وكنت واثقاً أن أبونا إبراهيم سيجعله يتكلم.
وعندما سألنا أبونا ميخائيل وهو في حالته الصحية المتدهورة هذه عن أبونا إبراهيم البراوى أجاب إجابة موجزة بدون توهان كما لو أن قوة الاسم كانت أقوى من المرض والشيخوخة وقال :
" كان أبونا إبراهيم قديساً بمعنى الكلمة " وردد هذه العبارة مرات عديدة مما يدل على ما يحمله بداخله لأبونا إبراهيم البراوى فأراد أن يوصل لنا مدى قداسته في عبارة موجزة وذلك من أجل مرضه.
حاولنا كثيراً أن نستفسر منه، لكنه لم يستطع بسبب المرض والشيخوخة ولكنه قال:
إن الذاكرة لا تسعفني ... وبعد صمت قال :
" كان صديقاً حميماً للبابا كيرلس الخامس وكان يدعوه يا براوي "
ولما سألناهُ عن معجزات لأبونا إبراهيم البراوى، حاول أن يسرد المعجزة التي حدثت في طنطا لكنه لم يستطع بسبب ضعف الذاكرة ( ذكرناها بعنوان إيليا في القرن العشرين ) لكنه قال " كان يعمل معجزات كثيرة ".
 ـ وماذا عن العطاء ؟
ـ كان أبونا إبراهيم البراوى يذهب ليصلي في كنائس كثيرة فقيرة وكان يترك فيها مبلغاً كبيراً من المال سراً في هيكلها ( 2 كو 9 : 6 ، 7 ) ومنهم كنيسة دشاشة ولكن انكشف سره بعد ذلك بين الكهنة فكل كنيسة فقيرة يدخلها كانوا ينتظرون مبلغاً من المال في هيكلها.
ـ هل كان غنياً ؟
كان غنياً جداً ولا نعرف سبب هذا الغنى.
ـ هل كان يأتي إلى دشاشة كثيراً ؟
ـ كان يأتي إلى براوة أولاً ثم يأتي إلى دشاشة ليصلي في كنيسة الملاك ميخائيل بدشاشة.
وبعد هذا لم يستطع أبونا ميخائيل أن يتكلم !!!
وبعدها بأيام تنيح أيضاً وكأنها كانت رسالة عن أبونا إبراهيم البراوى وكان لابد أن يقولها!!!


















هناك 6 تعليقات:

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  2. بالرغم اني من ابوجرج الا انني اول مره اسمع عن هذا القديس العظيم واليوم حاسس اني لقيت كنز كبير ما اعظم ان تنتمي للعظماء ربنا يجعلني من اولاده ويشفعلنا ىاكوكب يا ابن الكوكب

    ردحذف
  3. بالرغم اني من ابوجرج الا انني اول مره اسمع عن هذا القديس العظيم واليوم حاسس اني لقيت كنز كبير ما اعظم ان تنتمي للعظماء ربنا يجعلني من اولاده ويشفعلنا ىاكوكب يا ابن الكوكب

    ردحذف
  4. مرحبا بالجميع،
    اسمي أحمد Asnul بروناي، اتصلت السيد عثمان قرض الشركة مقابل مبلغ القروض التجارية من 250،000 $، ثم قيل لي عن الخطوة الموافقة لي مبلغ القرض المطلوب، بعد المخاطرة مرة أخرى لأنني كنت حتى يائسة بكثير من إقامة الأعمال إلى أكبر مفاجأة لي، وكان الفضل مبلغ القرض إلى حساب حسابي المصرفي في غضون 24 يوما المصرفية بدون أي جهد للحصول على قرض بلدي. فوجئت لأنني كنت تقع أولا ضحية لعملية نصب واحتيال! إذا كنت مهتما تأمين أي مبلغ القرض وكنت موجودا في أي بلد، وأنا أنصحك يمكن الاتصال بالسيد عثمان قرض الشركة عبر البريد الإلكتروني osmanloanserves@gmail.com

    معلومات شكل قرض التطبيق
    الاسم الأول ......
    الاسم الأوسط .....
    2) الجنس: .........
    3) مبلغ القرض مطلوب: .........
    4) مدة القرض: .........
    5) البلد: .........
    6) عنوان المنزل: .........
    7) رقم الجوال: .........
    8) عنوان البريد الإلكتروني ..........
    9) الدخل الشهري: .....................
    10) المهنة: ...........................
    11) أي موقع هل هنا عنا .....................
    الشكر وأطيب التحيات.
    البريد الإلكتروني ديريك osmanloanserves@gmail.com

    ردحذف
  5. مرحبا بالجميع،
    اسمي أحمد Asnul بروناي، اتصلت السيد عثمان قرض الشركة مقابل مبلغ القروض التجارية من 250،000 $، ثم قيل لي عن الخطوة الموافقة لي مبلغ القرض المطلوب، بعد المخاطرة مرة أخرى لأنني كنت حتى يائسة بكثير من إقامة الأعمال إلى أكبر مفاجأة لي، وكان الفضل مبلغ القرض إلى حساب حسابي المصرفي في غضون 24 يوما المصرفية بدون أي جهد للحصول على قرض بلدي. فوجئت لأنني كنت تقع أولا ضحية لعملية نصب واحتيال! إذا كنت مهتما تأمين أي مبلغ القرض وكنت موجودا في أي بلد، وأنا أنصحك يمكن الاتصال بالسيد عثمان قرض الشركة عبر البريد الإلكتروني osmanloanserves@gmail.com

    معلومات شكل قرض التطبيق
    الاسم الأول ......
    الاسم الأوسط .....
    2) الجنس: .........
    3) مبلغ القرض مطلوب: .........
    4) مدة القرض: .........
    5) البلد: .........
    6) عنوان المنزل: .........
    7) رقم الجوال: .........
    8) عنوان البريد الإلكتروني ..........
    9) الدخل الشهري: .....................
    10) المهنة: ...........................
    11) أي موقع هل هنا عنا .....................
    الشكر وأطيب التحيات.
    البريد الإلكتروني ديريك osmanloanserves@gmail.com

    ردحذف
  6. لي يارب طلبه بشفاعة ابونا ابراهيم البراوى تسدد كل ديونى وطلبه من ابونا ابراهيم باسم المسيح تسدد لى كل ديونى وانت مبتردش طلب باسم السيد المسيح يارب لا تخذلنى من اجل كرامة ابونا ابراهيم عندك امين

    ردحذف

عزيزى الزائر
1-اختر كلمه(الاسم والعنوان) او (مجهول)من ملف التعريف
ثم 2- اكتب تعليقك
ثم 3- اضغط على كلمه (كتابه تعليق)لارسال التعليق